حفات وقوته ضعف وشهامته خوف * (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون) * ودخل الفاء هنا دون سورة الانشقاق للجمع بين اللغتين والاستثناء على الأول متصل وعلى الثاني منقطع أي ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى والزمنى فلهم ثواب غير منقطع على طاعتهم وصبرهم عل الابتلاء بالشيخوخة والهرم وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة والخطاب في * (فما يكذبك بعد بالدين) * للانسان على طريقة الالتفات أي فما سبب تكذيبك بعد هذا البيان القاطع والبرهان الساطع بالجزاء والمعنى أن خلق الانسان من نطفة وتقويمة بشرا سويا وتدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل ويستوى ثم تنكيسه إلى أن يبلغ أرذل العمر لا ترى دليلا أوضح منه على قدرة الخالق وأن من قدر على خلق الإنسان وعلى هذا كله لم يعجز عن اعادته فما سبب تكذبيك بالجزاء أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ينسبك إلى الكذب بعد هذا الدليل فما بمعنى من * (أليس الله بأحكم الحاكمين) * وعيد للكفار وأنه يحكم عليهم بما هم أهله وهو من الحكم والقضاء والله أعلم سورة العلق مكية وهى تسع عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم عن ابن عباس ومجاهد هي أول سورة نزلت والجمهور على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * محل باسم ربك النصب على الحال أي اقرأ مفتحا باسم ربك كأنه قبل قل بسم الله ثم اقرأ الذي خلق ولم يذكر لخلق مفعولا لأن المعنى الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه أو تقديره خلق كل شئ فيتناول كل مخلوق لأنه مطلق فليس بعض المخلوقات يتقديره أولى من بعض وقوله * (خلق الإنسان) * تخصيص للانسان بالذكرمن بين ما يتناوله الخلق لشرفه ولأن التنزيل إليه ويجوز أن يراد الذي خلق الانسان إلا أنه ذكر مبهما ثم مفسرا تفخيما لخلقه ودلالة على عجيب فطرته * (من علق) * وإنما جمع ولم يقل من علقه لأن الانسان في معنى الجمع * (اقرأ وربك الأكرم) * الذي له الكمال في زيادة كرمه على كل كريم ينعم على عبادة النعم ويحلم عنهم فلا يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وجحودهم لنعمه وكأنه ليس وراء التكرم بإفادة الفوائد العلمية تكرم حيث قال * (الذي علم) * الكتابة * (بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) * فدل على كمال كرمه بأنه علم عباده ما لم يعلموا ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين
(٣٤٨)