* (حكيم) * * (أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين) * هما جملتان مستأنفتان ملفوفتان فسر بهما جواب القسم كأنه قيل أنزلناه لان من شأننا الانذار والتحذير من العقاب وكان انزالنا إياه في هذه الليلة خصوصا لأن إنزال القرآن من الأمور الحكيمية وهذه الليلة مفرق كل أمر حكيم ومعنى يفرق يفصل ويكتب كل امر من ارزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم من هذه الليلة إلى ليلة القدر التي تجىء في السنة المقبلة * (حكيم) * ذي حكمة اى مفعول على ما تقتضيه الحكمة وهو من الإسناد المجازى لان الحكم صفة صاحب الامر على الحقيقة ووصف الأمر به مجازا * (أمرا من عندنا) * نصب على الاختصاص جعل كل امر جزلا فخما بأن وصفة بالحكيم ثم زاده جزالة وفخامة بأن قال أعنى بهذا الأمر امرا حاصلا من عندنا كما اقتضاه علمنا وتدبيرنا * (إنا كنا مرسلين) * بدل من انا كنا منذرين * (رحمة من ربك) * معفول له على معنى انا أنزلنا القرآن لان من شأننا وعادتنا ارسال الرسل بالكتب إلى عبادنا لأجل الرحمة عليهم أو تعليل لقوله امرا من عندنا ورحمة مفعول به وقد وصف الرحمة بالارسال كما وصفها به في قوله وما يمسك فلا مرسل له من بعده والأصل انا كنا مرسلين رحمة منا فوضع الظاهر موضع الضمير ايذانا بأن الربوبية تقتضى الرحمة على المربوبين * (إنه هو السميع) * لأقوالهم * (العليم) * بأحوالهم * (رب) * كو في بدل من ربك وغيرهم بالرفع اى هو رب * (السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين) * ومعنى الشرط انهم كانوا يقرون بان للسموات والأرض ربا وخالقا فقيل لهم ان ارسال الرسل وانزال الكتب رحمة من الرب ثم قيل إن هذا الرب هو السميع العليم الذي أنتم مقرون به ومعترفون بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما ان كان اقراركم عن علم وايقان كما تقول ان هذا انعام زيد الذي تسامع الناس بكرمه ان بلغك حديثه وحدثت بقصته * (لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم) * اى هو ربكم * (ورب آبائكم الأولين) * عطف عليه ثم رد ان يكونوا موقنين بقوله * (بل هم في شك يلعبون) * وان اقرارهم غير صادر عن علم وتيقن بل قول مخلوط بهزؤ ولعب * (فارتقب) * فانتظر * (يوم تأتي السماء بدخان) * يأتي من السماء قبل يوم القيامة يدخل في أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص وقيل إن قريشا لما استعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليهم فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف فأصابهم الجهد حتى اكلوا الجيف والعلهز وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان وكان يحدث الرجل فيسمع كلامه ولا يراه من الدخان * (مبين) * ظاهر حاله لا يشك أحد في أنه دخان * (يغشى الناس) * يشملهم ويلبسهم وهو في محل الجر صفة
(١٢٣)