تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٦
النحل (122 _ 126)) كما صليت على إبراهيم * (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) * لمن أهل الجنة * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) * في ثم تعظيم منزلة نبينا عليه السلام واجلال محله والايذان بأن أشرف ما أوتى خليل الله من الكرامة اتباع رسولنا ملته * (إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه) * أي فرض عليهم تعظيمه وترك الاصطياد فيه * (وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) * روى أن موسى عليه السلام أمرهم أن يجعلوا في الأسبوع يوما للعبادة وأن يكون يوم الجمعة فأبوا عليه وقالوا نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السماوات والأرض وهو السبت إلا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة فهذا اختلافهم في السبت لان بعضهم اختاروه وبعضهم اختاروا عليه الجمعة فأذن الله لهم في السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فأطاع أمر الله الرضوان بالجمعة فكانوا لا يصيدون وأعقابهم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله دون أولئك وهو يحكم بينهم يوم القيامة فيجازى كل واحد من الفريقين بما هو أهله * (ادع إلى سبيل ربك) * إلى الاسلام * (بالحكمة) * بالمقالة الصحيحة المحكمة وهو الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة * (والموعظة الحسنة) * وهي التي لا يخفى عليهم إنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها أو بالقرآن أي ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة والحكمة المعرفة بمراتب الافعال والموعظة الحسنة أن يخلط الرغبة بالرهبة والانذار بالبشارة * (وجادلهم بالتي هي أحسن) * بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة أو بما يوقظ القلوب ويعظ النفوس ويجلو العقول وهو رد على من يأبى المناظرة في الدين * (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) * اي هو أعلم بهم فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * سمى الفعل الأول عقوبة والعقوبة هي الثانية لازدواج الكلام كقوله جزاء سيئة سيئة مثلها فالثانية ليست بسيئة والمعنى ان صنع بكم صنيع سوء من قتل أو نحوه فقابلوه بمثله ولا تزيدوا عليه روى أن المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد بقروا بطونهم وقطعوا مذاكيرهم فرأى النبي عليه السلام حمزة
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»