تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
النحل (113 _ 116)) فقد شبه به لاشتماله على اللابس ما غشى الانسان والتبس به من بعض الحوادث وأما ايقاع الإذاقة على لباس الجوع والخوف فلانه لما وقع عبارة عما يغشى منهما ويلابس فكأنه قيل فاذاقهم ما غشيهم من الجوع والخوف * (ولقد جاءهم رسول منهم) * أي محمد صلى الله عليه وسلم * (فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون) * أي في حال التباسهم بالظلم قالوا إنه القتل بالسيف يوم بدر روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه إلى أهل مكة في سنى القحط بطعام ففرق فيهم فقال الله لهم بعد ان أذاقهم الجوع * (فكلوا مما رزقكم الله) * على يدي محمد صلى الله عليه وسلم * (حلالا طيبا) * بدلا عما كنتم تأكلونه حراما خبيثا من الأموال المأخوذة بالغارات والغصوب وخبائث الكسوب * (واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون) * تطيعون أو ان صح زعمكم أنكم تعبدون الله بعبادة الآلهة لأنها شفعاؤكم عنده ثم عدد عليهم محرمات الله ونهاهم عن تحريمهم وتحليلهم بأهوائهم فقال * (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم) * إنما للحصر أي المحرم هذا دون البحيرة وأخواتها وباقي الآية قد مر تفسيره * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب) * هو منصوب بلا تقولوا أي ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا من غير استناد ذلك الوصف إلى الوحي أو إلى القياس المستنبط منه واللام مثلها في قولك لا تقولوا لما أحل الله هو حرام وقوله * (هذا حلال وهذا حرام) * بدل من الكذب ولك أن تنصب الكذب بتصف وتجعل ما مصدرية وتعلق هذا حلال وهذا حرام بلا تقولوا أي ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام وهذا لوصف ألسنتكم الكذب أي ولا تحوموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم ويجول في أفواهكم لا لأجل حجة وبينة ولكن قول ساذج ودعوى بلا برهان وقوله تصف ألسنتكم الكذب من فصيح الكلام جعل قولهم كأنه عين الكذب فإذا نطقت به ألسنتهم فقد حلت الكذب بحليته وصورته بصورته كقولك وجهها يصف الجمال وعينها تصف السحر واللام في * (لتفتروا على الله الكذب) * من التعليل الذي لا يتضمن معنى الغرض * (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) *
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»