تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٢
النحل (105 _ 107)) لا يترقب عقابا عليه وهو رد لقولهم إنما أنت مفتر * (وأولئك) * إشارة إلى الذين لا يؤمنون أي وأولئك * (هم الكاذبون) * على الحقيقة الكاملون في الكذب لأن تكذيب آيات الله أعظم الكذب أو وأولئك هم الكاذبون في قولهم إنما أنت مفتر جوزوا أن يكون * (من كفر بالله من بعد إيمانه) * شرطا مبتدأ أو حذف جوابه لأن جواب من شرح دال عليه كأنه قيل من كفر بالله فعليهم غضب * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * ساكن به * (ولكن من شرح بالكفر صدرا) * أي طاب به نفسا واعتقده * (فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) * وأن يكون بدلا من الذين لا يؤمنون بآيات الله على أن يجعل وأولئك هم الكاذبون اعتراضا بين البدل والمبدل منه والمعنى إنما يفترى الكذب من كفر بالله من بعد ايمانه واستثنى منهم المكره فلم يدخل تحت حكم الافتراء ثم قال ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله وأن يكون بدلا من المبتدأ الذي هو أولئك أي ومن كفر بالله من بعد إيمانه هم الكاذبون أو من الخبر الذي هو الكاذبون أي وأولئك هم من كفر بالله من بعد ايمانه وان ينتصب على الذم روى أن ناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا وكان فيهم من اكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للايمان منهم عمار وأما أبواه ياسر وسمية فقد قتلاوهما أول قتيلين في الاسلام فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان عمارا كفر فقال كلا ان عمارا ملىء ايمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الايمان لحمه ودمه فأتى عمار رسول الله صلى عليه وسلم وهو يبكى فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه وقال مالك ان عادوا لك فعدهم بما قلت وما فعل أبو عمار أفضل لأن في الصبر على القتل اعزازا للاسلام * (ذلك) * إشارة إلى الوعيد وهو لحوق الغضب والعذاب العظيم * (بأنهم استحبوا) * آثروا * (الحياة الدنيا على الآخرة) * أي بسبب إيثارهم الدنيا على الآخرة * (وأن الله لا يهدي القوم الكافرين) * ما داموا مختارين للكفر * (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) * فلا يتدبرون ولا يصغون إلى المواعظ ولا يبصرون طريق الرشاد * (وأولئك هم الغافلون) * أي الكاملون في الغفلة لأن الغفلة عن تدبر العواقب هي غاية الغفلة ومنتهاها
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»