(جروا جموع بلادهم والفيل كي يسبوا عيالك) (عمدوا حماك بكيدهم جهلوا وما رقبوا جلالك) (إن كنت تاركهم وكع بتنافأمر ما بدالك) ثم ترك عبد المطلب الحلقة وتوجه في بعض تلك الوجوه مع قومه وأصبح بأبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول وهيأ جيشه وهيأ فيله وكان فيلا عظيما لم ير مثله في العظم والقوة ويقال كان معه اثنى عشر فيلا فأقبل نفيل إلى الفيل الأعظم ثم أخذ بأذنه فقال أبرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام فبرك الفيل فبعثوه فأبى فضربوه بالمعول في رأسه فأبى فأدخلوا محاجنهم تحت مراقه ومرافقه فنزعوه ليقوم فأبى فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مل ذلك فصرفوه إلى الحرم فبرك وأبى أن يقوم وخرج نفيل يشتد حتى صعد في أعلا وأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف مع كل طائر منها ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره أمثال الحمص والعدس فلما غشيت القوم أرسلنها عليهم فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك وليس كل القوم أصابت وخرجوا هاربين لا يهتدون إلى الطريق الذي جاؤوا منه وهم يتساءلون عن نفيل بنحبيب ليلدلهم على الطريق إلى اليمن ونفيل ينظر إليهم من بعض تلك الجبال فصرخ القوم وماج بعضهم في بعض يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل وبعث الله على أبرهة داء في جسده فجعل تتساقط منه أنامله كلما سقطت أنملة اتبعتها مدة من قيح ودم فانتهى إلى صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فيمن بقي من أصحابه وما مات حتى انصدع صدره من قلبه ثم هلك قال الواقدي وأما محمود فل النجاشي فربض ولم يشجع على الحرم فنجا والفيل الآخر شجعوا فحصبوا وزم مقاتل بن سليمان أن السبب الذي جرأ أصحاب الفيل أن فتية من قريش خرجوا تجارا إلى أرض النجاشي فدنوا من ساحل البحر وثم بيعة للنصارى تسميها قريش الهيكل نارا فانطلق الصغير إلى النجاشي فأسف واغتاظ غيظا شديدا فبعث أبرهة لهدم الكعبة وقال فيه إنه كان بمكة يومئذ أبو مسعود الثقفي وكان مكفوف البصر يصيف بالطائف ويشتو بمكة وكان رجلا نبيها نبيلا تستقيم الأمور برأيه وكان خليلا لعبد المطلب فقال له عبد المطلب ماذا عندك هذا يوم لا يستغنى فيه عن رأيك فقال أبو مسعود أصعد بنا إلى حراء فصد الجبل فقال أبو مسعود لعبد المطلب اعمد إلى مائة من الإبل فاجعلها لله وقلدها نعلا ثم أرسلها في الحرم لعل بعض هذه السودان يعقر منها شيئا فيغضب رب هذا البيت فيأخذهم ففعل ذلك عبد المطلب فعمد القوم إلى تلك الإبل فحملوا عليها وعقروا بعضها وجعل عبد المطلب يدعو فقال أبو مسعود إن لهذا البيت ربا يمنعه فقد نزل تبع ملك اليمن صحن هذا البيت وأراد هدمه فمنعه الله وابتلاه وأظلم عليه ثلاثة أيام فلما رأى تبع ذلك كساه القباطي البيض وعظمه وتحوله جزورا ثم قال أبو مسعود انظر نحو البحر فنظر عبد المطلب فقال أرى طيرا أبيض نشأت من شاطئ البحر فقال رامقها ببصرك أين قرارها قال أراه قد دارت على رؤوسنا قال فهل تعرفها قال فوالله ما أعرفها ما هي بنجدية ولا
(٥٢٧)