الذاريات الآية 52 57 52 (كذلك) أي كما كذبك قومك يا محمد وقالوا ساحر أو مجنون كذلك (ما أتى الذين من قبلهم) من قبل كفار مكة (من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون) 53 54 قال الله تعالى (أتواصوا به) أي أوصى أولهم آخرهم وبعضهم بعضا بالتكذيب وتواطؤا عليه والألف فيه للتوبيخ (بل هم قوم طاغون) قال ابن عباس حملهم الطغيان فيما أعطيتهم ووسعت عليهم على تكذيبك (فتول عنهم) فأعرض عنهم (فما أنت بملوم) لا لوم عليك فقد أديت الرسالة وما قصرت فيما أمرت به قال المفسرون لما نزلت هذه الآية حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد ذلك على أصحابه وظنوا أن الوحي قد انقطع وأن العذاب قد حضر إذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى عنهم 55 فأنزل الله تعالى (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) فطابت أنفسهم قال مقاتل معناه عظ بالقرآن كفار مكة فإن الذكرى تنفع من في علم الله أن يؤمن منهم وقال الكلبي عظ بالقرآن من آمن من قومك فإن الذكرى تنفعهم 56 (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قال الكلبي والضحاك وسفيان هذا خاص لأهل طاعته من الفريقين يدل عليه قراءة ابن عباس (وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين إلا ليعبدون) ثم قال في آية أخرى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) وقال بعضهم وما خلقت السعداء من الجن والإنس إلا لعبادتي والأشقياء منهم إلا لمعصيتي وهذا معنى قول زيد بن أسلم قال هم على ما جبلوا عليه من الشقاوة والسعادة وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلا ليعبدون أي إلا لآمرهم أن يعبدوني وأدعوهم إلى عبادتي يؤيده قوله عز وجل (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا) وقال مجاهد إلا ليعرفوني وهذا أحسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرف وجوده وتوحيده دليله قوله تعالى (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) وقيل معناه إلا ليخضعوا إلي ويتذللوا ومعنى العبادة في اللغة التذلل والانقياد فكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله ومتذلل لمشيئته لا يملك أحد لنفسه خروجا عما خلق عليه قدر ذرة من نفع ضرر وقيل إلا ليعبدون إلا ليوحدون فأما المؤمن فيجده في الشدة والرخاء وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء بيانه قوله عز وجل (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين) 57 (ما أريد منهم من رزق) أي أن يرزقوا أحدا من خلقي ولا أن يرزقوا أنفسهم (وما أريد أن يطمعون) أي أن يطعموا أحدا من خلقي وإنما أسند الإطعام إلى نفسه لأن الخلق عيال الله ومن
(٢٣٥)