تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ١٦٤
الأحقاف الآية 9 9 (قل ما كنتم بدعا من الرسل) أي بديعا مثل نصف ونصيف وجمع البدع أبداع لست بأول مرسل قد بعث قبلي كثير من الأنبياء فكيف تنكرون نبوتي (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) اختلف العلماء في معنى هذه الآية فقال بعضهم معناه ما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة فلما نزلت هذه الآية فرح المشركون فقالوا واللات والعزى ما أمرنا وأمر محمد عند الله إلا واحد وما له علينا من مزية وفضل ولولا أنه ابتدع ما يقوله من ذات نفسه لأخبره الذي بعثه بما يفعل به فأنزل الله (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) فقالت الصحابة هنيئا لك يا نبي الله قد علمنا ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله تعالى (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات) الآية وأنزل (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) فبين الله تعالى ما يفعل به وبهم وهذا قول أنس وقتادة والحسن وعكرمة قالوا إنما قال هذا قبل أن يخبر بغفران ذنبه وإنما أخبر بغفران ذنبه عام الحديبية فنسخ ذلك أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد قال كانت أم العلاء الأنصارية تقول لما قدم المهاجرون المدينة اقترعت الأنصار على سكناهم قالت فطار لنا عثمان بن مظعون في السكنى فمرض فمرضناه ثم توفي فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ وما يدريك أن الله قد أكرمه \ فقلت لا والله لا أدري فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ أما هو فقد أتاه اليقين من ربيه وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم \ قالت فوالله لا أزكي بعده أحدا أبدا قالت ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عينا تجري فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (ذاك عمله) وقالت جماعة قوله (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) في الدنيا أما في الآخرة فقد علم أنه في الجنة وأن من كذبه فهو في النار ثم اختلفوا فيه قال ابن عباس رضي الله عنهما لما اشتد البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم وهو بمكة أرضا ذات سباخ ونخل رفعت له يهاجر إليها فقال له أصحابه متى تهاجر إلى الأرض التي أريت فسكت فأنزل الله تعالى هذه الآية (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) أأترك في مكاني أم أخرج أنا وأنتم إلى الأرض التي رفعت لي وقال بعضهم وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إلى ماذا يصير عاقبة أمري وأمركم في الدنيا بأن أقيم معكم في مكانكم أم أخرج كما خرجت الأنبياء من قبلي أم أقتل كما قتل الأنبياء من قبلي وأنتم أيها المصدقون لا أدري تخرجون معي أم تتركون أم ماذا يفعل بكم أيها المكذبون أترمون بالحجارة من السماء أم يخسف بكم أم أي شيء يفعل بكم كما فعل بالأمم المكذبة ثم أخبر الله عز وجل أنه يظهر دينه على الأديان فقال (هو الذي
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»