تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٦٣
فلم يبق منه بقية يبدئ شيئا أو يعيد كما قال تعالى (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه) وقال قتادة الباطل هو إبليس وهو قول مقاتل والكلبي وقيل الباطل الأصنام سورة سبأ (50 54) 50 (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي) وذلك أن كفار مكة يقولون له انك قد ضللت حين تركت دين ابائك قال الله تعالى (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي) أي إثم ضلالتي عل نفسي (وان اهتديت فبما يوحي إلي ربي) من القرآن والحكمة (إنه سميع قريب) 51 (ولو ترى إذ فزعوا) قال قتادة عند البعث حين يخرجون من قبورهم (فلا فوت) أي فلا يفوتونني كما قال (ولات حين مناص) وقيل إذ فزعوا فلا فوت ولا نجاة (وأخذة امن مكان قريب) قال الكلبي من تحت اقدامهم وقيل اخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها وحيثما كانوا فهم من الله قريب لا يفوتونه وقيل من كان قريب يعني عذاب الدنيا وقال الضحاك يوم بدر وقال ابن بزي خسف بالبيداء وفي الآية حذف تقديره ولو ترى إذ فزعوا لرأيت امرا تعتبر به 52 (وقالوا آمنا به) حين عاينوا العذاب قيل عند اليأس وقيل عند البعث (وأنى) من أين (لهم التناوش) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر التناوش بالمد والهمزة وقرأ الآخرون بواو صافية من غير مد والهمز ومعناه هذا أيضا وقيل التناوش بالهمزة من النبش وهو حركة في ابطاء يقال جاء نبشا أي مبطئا متأخرا والمعنى من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه وعن ابن عباس قال يسألون الرد إلى الدنيا فيقال وانى لهم الرد إلى الدنيا (من مكان بعيد) أي من الآخرة إلى الدنيا 53 (وقد كفروا به من قبل) أي بالقرآن وقيل بمحمد صلى الله عليه وسلم من قبل أن يعاينوا العذاب وأهوال القيامة (ويقذون بالغيب من مكان بعيد) قال مجاهد يرمون محمدا بالظن لا باليقين وهو قولهم ساحر وشاعر وكاهن ومعنى الغيب هو الظن لأنه غاب علمه عنهم والمكان البعيد بعدهم عن علم ما يقولون والمعنى يرمون محمدا بما لا يعلمون من حيث لا يعلمون وقال قتادة يرجمون بالظن يقولون لا بعث ولا جنة ولا نار 54 (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) أي الايماء والتوبة والرجوع إلى الدنيا وقيل نعيم الدنيا وزهرتها
(٥٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 ... » »»