تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٦٠
سورة العنكبوت مكية وهي تسع وستون آية بسم الله الرحمن الرحيم سورة العنكبوت (1 5) 1 2 (ألم أحسب الناس) أظن الناس (أن يتركوا) بغير اختبار ولا ابتلاء (أن يقولوا) أي بأن يقولوا (آمنا وهم لا يفتنون) لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم كلا لنختبرنهم ليبين المخلص من المنافق والصادق من الكاذب واختلفوا في سبب نزول هذه الآية قال الشعبي نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يقبل فيكم الإقرار بالسلام حتى تهاجروا فخرجوا عامدين إلى المدينة فتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله هاتين الآيتين قال ابن عباس رضي الله عنهما وأراد بالناس الذين آمنوا بمكة سلمة بن هشام وعياش بن ربيعة والوليد بن الوليد وعمار بن ياسر وغيرهم وقال ابن جريج نزلت في عمار بن ياسر كان يعذب في الله عز وجل وقال مقاتل نزلت في مهجع بن عبد الله مولى عمر كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر فقال النبي صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء مهجع بن عبد الله وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة فجزع أبواه وامرأته فأنزل الله فيهم هذه الآية وقيل (وهم لا يفتنون) بالأوامر والنواهي وذلك أن الله تعالى أمرهم في الابتداء بمجرد الإيمان ثم فرض عليهم الصلاة والزكاة وسائر الشرائع فشق على بعضهم فأنزل الله هذه الآية ثم عزاهم فقال 3 (ولقد فتنا الذين من قبلهم) يعني الأنبياء والمؤمنون فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من قتب وابتلي بنو إسرائيل بفرعون فكان يسومهم سوء العذاب (فليعلمن الله الذين صدقوا) في قولهم آمنا (وليعلمن الكاذبين) والله أعلم بهم قبل الاختبار ومعنى الآية وليظهرن الله الصادقين من الكاذبين حتى يوجد معلومه وقال مقاتل فليرين الله وقيل ليميز الله كقوله (ليميز الله الخبيث من الطيب) 4 (أم حسب الذين يعلمون السيئات) يعني الشرك (أن يسبقونا) يعجزونا ويفوتونا فلا نقدر على الانتقام منهم (ساء ما يحكمون) أي بئس ما حكموا حين ظنوا ذلك
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»