سورة إبراهيم من الآية 32 وحتى الآية 35 32 (الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره) بإذنه (وسخر لكم الأنهار) ذللها لكم تجرونها حيث شئتم 33 (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين) يجريان فيما يعود إلى مصالح العباد ولا يفتران قال ابن عباس دؤبهما في طاعة الله عز وجل (وسخر لكم الليل والنهار) يتعاقبان في الضياء والظلمة والنقصان والزيادة 34 (وآتاكم من كل ما سألتموه) يعني آتاكم من كل شيء سألتموه شيئا فحذف الشيء الثاني اكتفاء بدلالة الكلام على التبعيض وقيل هو على التكثير نحو قولك فلان يعلم كل شيء وآتاه كل الناس وأنت تريد بعضهم نظيره قوله تعالى (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) وقرأ الحسن (من كل) بالتنوين (ما) على النفي يعني من كل ما لم تسألوه يعني أعطاكم أشياء ما طلبتموها ولا سألتموها (وإن تعدوا نعمة الله) أي نعم الله (لا تحصوها) أي لا تطيقوا عدها ولا القيام بشكرها (إن الإنسان لظلوم كفار) أي ظالم لنفسه بالمعصية كافر بربه في نعمته وقيل الظلوم الذي يشكر غير من أنعم عليه والكافر من يجحد منعمه 35 قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد) يعني الحرم (آمنا) ذا أمن يؤمن فيه (واجنبني) أبعدني (وبني أن نعبد الأصنام) يقال جنبت الشيء واجنبته جنبا وجنبته تجنيبا واجتنبته اجتنابا بمعنى واحد فإن قيل قد كان إبراهيم معصوما من عبادة بنيه الأصنام فكيف يستقيم السؤال وقد عبد كثير من الأصنام فأين الإجابة قيل الدعاء في حق إبراهيم لزيادة العصمة والتثبيت وأما دعاؤه لبنيه فأراد بنيه من صلبه ولم يعبد منهم أحد الصنم وقيل إن دعاءه لمن كان مؤمنا من بنيه 36 (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) يعني ضل بهن كثيرا من الناس عن طريق الهدى حتى عبدوهن وهذا هو المقلوب نظيره قوله تعالى (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) أي يخوفهم بأوليائه وقيل نسب الإضلال إلى الأصنام لأنهن سبب فيه كما يقول القائل فتنتني الدنيا نسب الفتنة
(٣٦)