تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٨١
وقال بعضهم يلبس أهل النار مقطعات من النار (يصب من فوق رؤوسهم الحميم) الحميم هو الماء الحار الذي انتهت حرارته 20 (لا يصهر به) أي يذاب بالحميم (ما في بطونهم) يقال صهرت الإلية والشحم بالنار إذا أذبتهما أصهرها صهرا معناه يذاب بالحميم الذي يصب من فوق رؤوسهم حتى يسقط ما في بطونهم من الشحوم والأحشاء (والجلود) أي يشوي حرها جلودهم فتتساقط أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن زيد عن أبي السمح عن أبي جحيرة واسمه عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان \ 21 قوله تعالى (وله مقامع من حديد) سياط من حديد واحدتها مقمعة قال الليث المقمعة شبه الجزر من الحديد من قولهم قمعت رأسه إذا ضربته ضربا عنيفا وفي الخبر \ لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الأرض \ 22 (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم) يعني كلما حاولوا الخروج من النار لما يلحقهم من الغم والكرب الذي يأخذ بأنفاسهم (أعيدوا فيها) يعني ردوا إليها بالمقامع وفي التفسير إن جهنم لتجيش بهم فتلقيهم إلى أعلاها فيريدون الخروج منها فتضربهم الزبانية بمقامع الحديد فيهوون فيها سبعين خريفا (وذوقوا عذاب الحريق) أي تقول لهم الملائكة ذوقوا عذاب الحريق أي المحرق مثل الأليم والوجيع قال الزجاج هؤلاء أحد الخصمين وقال في الآخر وهم المؤمنون 23 (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنار يحلون فيها من أساور من ذهب) جمع سوار (ولؤلؤا) قرأ أهل المدينة وعاصم (ولؤلؤا) هاهنا وفي سورة الملائكة بالنصب وافق يعقوب هاهنا على معنى ويحلون لؤلؤا ولأنها مكتوبة في المصاحف بالألف وقرأ الآخرون بالخفض عطفا على قوله من ذهب وترك الهمزة الأولى في كل القرآن أبو جعفر وأبو بكر واختلفوا في وجه إثبات الألف فيه فقال أبو عمرو أثبتوها فيها كما أثبتوا في قالوا وكانوا وقال الكسائي أثبتوها للهمزة لأن الهمزة حرف من الحروف (ولباسهم فيها حرير) أي أنهم يلبسون في الجنة ثياب الإبريسم وهو الذي حرم لبسه في الدنيا على الرجال أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا عبد الرحمن بن أبي شريح أنا أبو القاسم البغوي أنا علي بن الجعد أنا شعبة عن قتادة عن داود السراج عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه الله إياه في الآخرة فإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو \ 24 قوله تعالى (وهدوا إلى الطيب من القول) قال ابن عباس هو شهادة أن لا إله إلا الله وقال ابن زيد لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله وقال السدي أي القرآن وقيل هو قول أهل الجنة الحمد لله الذي صدقنا وعده (وهدوا إلى صراط الحميد) إلى دين الإسلام والحميد هو الله المحمود في أفعاله
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»