تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٥
سورة الحج حتى نهاية الآية 5 4 (كتب عليه) قضى عليه الشيطان (أنه من تولاه) اتبعه (فإنه) يعني الشيطان (يضله) أي يضل من تولاه (ويهديه إلى عذاب السعير) ثم ألزم الحجة منكري البعث 5 فقال (يا أيها الناس إن كنتم في ريب) يعني في شك (من البعث فإنا خلقناكم) يعني أباكم آدم الذي هو أصل النسل (من تراب ثم من نطفة) يعني ذريته والنطفة هي المني وأصلها الماء القليل وجمعها نطاف (ثم من علقة) وهي الدم الغليظ المتجمد الطري وجمعها علق وذلك أن النطفة تصير دما غليظا ثم تصير لحما (ثم من مضغة) وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ (مخلقة وغير مخلقة) قال ابن عباس وقتادة مخلقة أي تامة الخلق وغير مخلقة غير تامة أي ناقصة الخلق وقال مجاهد مصورة وغير مصورة يعني السقط وقيل المخلقة الولد الذي تأتي به المرأة لوقته وغير المخلقة السقط روي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال إن النطفة إذا استقرت في الرحمن أخذها ملك بكفه وقال أي رب مخلقة أو غير مخلقة فإن قال غير مخلقة قذفها الرحم دما ولم تكن نسمة وإن قال مخلقة قال الملك أي رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد ما الأجل ما العمل ما الرزق وبأي أرض يموت فيقال له اذهب إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها كل ذلك فيذهب فيجدها في أم الكتاب فينسخها فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفته (لنبين لكم) كما قدرتنا وحكمتنا في تصريف أطوار خلقكم ولتستدلوا بقدرته في ابتداء الخلق على قدرته على الإعادة وقيل لنبين لكم ما تأتون وما تذرون وما تحتاجون إليه في العبادة (ونقر في الأرحام ما نشاء) فلا تمجه ولا تسقطه (إلى أجل مسمى) إلى وقت خروجها من الرحم تامة الخلق والمدة (ثم نخرجكم) من بطون أمهاتكم (طفلا) أي صغارا ولم يقل أطفالا لأن العرب تذكر الجمع باسم الواحد وقيل تشبيها بالمصدر مثل عدل وزور (ثم لتبلغوا أشدكم) يعني الكمال والقوة (ومنكم من يتوفى) من قبل بلوغ الكبر (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) أي الهرم والخوف (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) أي يبلغ من السن ما يتغير عقله فلا يعقل شيئا ثم ذكر شيئا آخر على البعث فقال (وترى الأرض هامدة) أي يابسة لا نبات فيها (فإذا أنزلنا عليها الماء) المطر (اهتزت) تحركت بالنباتات وذلك أن الأرض ترتفع بالنبات فذلك تحركها (وربت) أي ارتفعت وزادت وقرأ أبو جعفر (ورأبت) بالهمزة وكذلك في حم السجدة أي ارتفعت وعلت قال المبرد أراد اهتز وربا بإنباتها فحذف المضاف والاهتزاز في النبات أظهر يقال اهتز النبات أي طال وإنما أنث لذكر الأرض وقيل فيه
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»