سورة مريم من الآية 11 وحتى الآية 16 11 قوله تعالى (فخرج على قومه من المحراب) وكان الناس من وراء المحراب ينتظرونه أن يفتح لهم الباب فيدخلون ويصلون إذ خرج عليهم زكريا متغيرا لونه فأنكروه فقالوا مالك يا زكريا (فأوحى إليهم) قال مجاهد كتبلهم الأرض (أن سبحوا) أي صلوا لله (بكرة) غدوة (وعشيا) معنا أنه كان يخرج على قومه بكرة وعشيا فيأمرهم بالصلاة فلما كان وقت حمل امرأته ومنع الكلام خرج إليهم فأمرهم بالصلاة إشارة 12 قوله عز وجل (يا يحيى) قيل فيه حذف معناه وهبنا له يحيى وقلنا له يا يحيى (خذ الكتاب) يعني التوراة (بقوة) بجد (وآتيناه الحكم) قال ابن عباس رضي الله عنهما النبوة (صبيا) وهو ابن ثلاث سنين وقيل أراد بالحكم فهم الكتاب فقرأ التوراة وهو صغير وعن بعض السلف قال من قرأ القرآن قبل أن يبلغ فهو ممن أوتي الحكم صبيا 13 (وحنانا من لدنا) رحمة من عندنا قال الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه شعر (تحنن علي هداك المليك فإن لكل مقام مقالا) أي ترحم (وزكاة) قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني بالزكاة الطاعة والإخلاص وقال قتادة رضي الله عنه هي العمل الصالح وهو قول الضحاك ومعنى الآية وآتيناه رحمة من عندنا وتحننا على العباد ليدعوهم إلى طاعة ربهم ويعمل عملا صالحا في إخلاص وقال الكلبي يعني صدقة تصدق الله بها على أبويه (وكان تقيا) مسلما ومخلصا مطيعا وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا هم بها 14 (وبرا بوالديه) أي بارا لطيفا بهما محسنا إليهما (ولم يكن جبارا عصيا) الجبار المتكبر وقيل الجبال الذي يضرب ويقتل على الغضب والعصي العاصي 15 (وسلام عليه) أي سلام له (يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) قال سفيان بن عيينة أوحش ما يكون الإنسان في هذه الأحوال يوم ولد فيخرج مما كان فيه ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث حيا فيرى نفسه في محشر لم ير مثله فخص يحيى بالسلامة في هذه المواطن 16 قوله عز وجل (واذكر في الكتاب) في القرآن (مريم إذ انتبذت) تنحت واعتزلت (من أهلها) من قومها (مكانا شرقيا) أي مكانا في الدار مما يلي المشرق وكان يوما شاتيا شديد
(١٩٠)