تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٦١
ثيابا خضرا من سندس) وهو مارق من الديباج (وإستبرق) وهو ما غلظ منه ومعنى الغلظ في ثياب الجند إحكامه وعن أبي عمران الجوني قال السندس هو الديباج المنسوج بالذهب (متكئين فيها) في الجنان (على الأرائك) وهي السرر في الحجال واحدتها أريكة (نعم الثواب) أي نعم الجزاء (وحسنت) الجنان (مرتفقا) أي مجلسا ومقرا 32 (واضرب لهم مثلا رجلين) الآية قيل نزلت في أخوين من أهل مكة من بني مخزوم أحدهما مؤمن وهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن عبد يا ليل وكان زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم والآخر كافر وهو الأسود بن عبد الأسد بن عبد يا ليل وقيل هذا مثل لعيينة بن حصن وأصحابه مع سلمان وأصحابه شبههما برجلين من بني إسرائيل أخوين أحدهما مؤمن واسمه يهوذا في قول ابن عباس وقال مقاتل تمليخا والآخر كافر واسمه قطروس وقال وهب قطفير وهما اللذان وصفهما الله تعالى في سورة والصافات وكانت قصتهما على ما حكى عبد الله بن المبارك عن معمر عن عطاء الخراساني قال كان رجلان شريكين لهما ثمانية آلاف دينار وقيل كانا أخوين ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها فعمد أحدهما فاشترى أرضا بألف دينار فقال صاحبه اللهم إن فلانا قد اشترى أرضا بألف دينار فإني أشتري منك أرضا في الجنة بألف دينار فتصدق بألف دينار ثم إن صاحبه بنى دارا بألف دينار فقال هذا اللهم إن فلانا بنى دارا بألف دينار فإني أشتري منك دارا منك دارا في الجنة بألف دينار فتصدق بذلك ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار فقال هذا المؤمن اللهم إني أخطب إليك امرأة من نساء الجنة بألف دينار فتصدق بألف دينار ثم اشترى صاحبه خدما ومتاعا بألف دينار فقال هذا اللهم إني أشتري منك متاعا وخدما في الجنة بألف دينار فتصدق بألف دينار ثم أصابته حاجة شديدة فقال لو أتيت صاحبي لعله ينالني منه معروف فجلس على طريقه حتى مر به في حشمه فقام إليه فنظر إليه الآخر فعرفه فقال فلان قال نعم فقال ما شأنك قال أصابتني حاجة بعدك فأتيتك لتصيبني بخير فقال ما فعل ما لك وقد اقتسمنا مالا وأخذت شطره فقص عليه قصته فقال وإنك لمن المصدقين بهذا اذهب فلا أعطيك شيئا فطرده فقضي لهما أن توفيا فنزل فيهما (فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين) وروي أنه لما أتاه أخذ بيده وجعل يطوف به ويريه أموال نفسه فنزل فيهما (واضرب لهم مثلا رجلين) اذكر لهم خبر رجلين (جعلنا لأحدهما جنتين) بستانين (من أعناب وحففناهما بنخل) أي أطفناهما من جوانبهما بنخل والحفاف الجانب وجمعه أحفة يقال حف به القوم أي طافوا بجوانبه (وجعلنا بينهما زرعا) أي جعلنا حول الأعناب النخيل ووسط الأعناب الزرع وقيل بينهما أي بين الجنتين زرعا يعني لم يكن بين الجنتين موضع خراب 33 (كلتا الجنتين آتت) أي أعطت كل واحدة من الجنتين (أكلها) ثمرها تاما (ولم تظلم) لم تنقص (منه شيئا وفجرنا) قرأ العامة بالتشديد وقرأ يعقوب بتخفيف الجيم (خلالهما نهرا) يعني شققنا وأخرجنا وسطهما نهرا
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»