تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٥٢
سورة الكهف من الآية 11 وحتى الآية 14 وخروا سجدا على وجوههم وقام بيدروس قدامهم ثم اعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الأرض يسبحون الله ويحمدونه ثم قال الفتية لبيدروس نستودعك الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته حفظك الله وحفظ ملكك ونعيذك بالله من شر الإنس والجن فبينما الملك قائم إذ رجعوا إلى مضاجعهم فناموا وتوفى الله أنفسهم وقام الملك إليهم فجعل ثيابهم عليهم وأمر أن يجعل كل رجل منهم في تابوت من ذهب فلما أمسى ونام أتوه في المنام فقالوا له إننا لم نخلق من ذهب ولا من فضة ولكنا خلقنا من تراب وإلى التراب نصير فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب حتى بعثنا الله منه فأمر الملك حينئذ بتابوت من ساج فجعلوا فيه وحجبهم الله حين خرجوا من عندهم بالرعب فلم يقدر أحد على أن يدخل عليهم فأمر الملك فجعل على باب الكهف مسجدا يصلي فيه وجعل لهم عيدا عظيما وأمر أن يؤتى كل سنة وقيل إن تمليخا لما حمل إلى الملك الصالح قال له الملك من أنت قال أن رجل من أهل هذه المدينة وذكر أنه خرج أمس أو منذ أيام وذكر منزله وأقواما لم يعرفهم أحد وكان الملك قد سمع أن فتية فقدوا في الزمن الأول وأن أسماءهم مكتوبة على اللوح بالخزانة فدعا باللوح وقد نظر في أسمائهم فإذا هو من أولئك القوم وذكر أسماء الآخرين فقال تمليخا هم أصحابي فلما سمع الملك ذلك ركب ومن معه من القوم فلما أتوا باب الكهف قال تمليخا دعوني حتى أدخل على أصحابي فأبشرهم فإنهم إن رأوكم معي أرعبتموهم فدخل فبشرهم فقبض الله أرواحهم وأعمى عليهم أثرهم فلم يهتدوا إليهم مرة ثانية وذلك قوله عز وجل (إذ أوى الفتية إلى الكهف) أي صاروا إلى الكهف يقال أوى فلان إلى موضع كذا أي اتخذه منزلا إلى الكهف وهو غار في جبل مخلوس واسم الكهف خيرم (فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة) ومعنى الرحمة الهداية في الدين وقيل الرزق (وهيء لنا) يسر لنا (من أمرنا رشدا) أي ما نلتمس من خير رضاك وما فيه رشدنا وقال ابن عباس رشدا أي مخرجا من الغار في سلامة 11 (فضربنا على آذانهم) أي أنمناهم وألقينا عليهم النوم وقيل معناه منعنا نفوذ الأصوات إلى مسامعهم فإن النائم إذا سمع الصوت ينتبه (في الكهف سنين عددا) أي أنمناهم سنين معدودة وذكر العدد على سبيل التأكيد وقيل ذكره يدل على الكثرة فإن القليل لا يعد في العادة 12 (ثم بعثناهم) يعني من نومهم (لنعلم) علم المشاهدة (أي الحزبين) أي الطائفتين (أحصى لما لبثوا أمدا) وذلك أن أهل القرية تنازعوا في مدة لبثهم في الكهف واختلفوا في
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»