تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٥٤
سورة الكهف الآية 18 منه) أي متسع من الكهف وجمعها فجوات قال ابن قتيبة كان كهفهم مستقبل بنات نعش لا تقع فيه الشمس عند الطلوع ولا عند الغروب وفيما بين ذلك قال اختار الله لهم مضطجعا في مقناة لا تدخل عليهم الشمس فتؤذيهم بحرها وتغير ألوانهم وهم في متسع ينالهم برد الريح ونسيمها ويدفع عنهم كرب الغار وغمومه وقال بعضهم هذا القول خطأ وهو أن الكهف كان مستقبل بنات نعش فكانت الشمس لا تقع عليهم ولكن الله صرف الشمس عنهم بقدرته وحال بينها وبينهم ألا ترى أنه قال (ذلك من آيات الله) من عجائب صنع الله ودلالات قدرته التي يعتبر بها (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل) أي من يضلله الله ولم يرشده (فلن تجد له وليا) معينا (مرشدا) 18 قوله تعالى (وتحسبهم أيقاظا) أي منتبهين جمع يقظ ويقظ (وهم رقود) ينام جمع راقد مثل قاعد وقعود وإنما اشتبه حالهم لأنهم كانوا مفتحة أعينهم يتنفسون ولا يتكلمون (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر قال ابن عباس كانوا يقلبون في السنة مرة من جانب إلى جنب لئلا تأكل الأرض لحومهم وقيل كان يوم عاشوراء يوم تقلبهم وقال أبو هريرة كان لهم في كل سنة تقلبان (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) أكثر أهل التفسير على أنه كان من جنس الكلاب وروي عن ابن جريج أنه كان أسد أو سمي الأسد كلبا فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي لهب فقال \ اللهم سلط عليه كلبا من كلابك \ فافترسه أسد والأول المعروف قال ابن عباس كان كلبا أغر ويروى عنه فوق القلطي ودون الكرزي والقلط كلب صيني وقال مقاتل كان أصفر وقال القرظي كانت شدة صفرته تضرب إلى الحمرة وقال الكلبي لونه كالحليج وقيل لون الحجر قال ابن عباس اسمه قطمير وعن علي اسمه ريان وقال الأوزاعي يثور وقال السدي يور وقال كعب صهبا قال خالد بن معدان ليس في الجنة شيء من الدواب سوى كلب أصحاب الكهب وحمار بلعام قوله (بالوصيد) قال مجاهد والضحاك والوصيد فناء الكهف وقال عطاء عتبة الباب وقال السدي الوصيد بالباب وهو رواية عكرمة عن ابن عباس فإن قيل لم يكن للكهف باب ولا عتبة قيل معناه موضع الباب والعتبة كان الكلب قد بسط ذراعيه وجعل وجهه عليهم قال السدي كان أصحاب الكهف إذا انقلبوا انقلب الكلب معهم وإذا انقلبوا إلى اليمين كسر الكلب أذنه اليمنى ورقد عليها وإذا انقلبوا إلى الشمال كسر أذنه اليسرى ورقد عليها (لو اطلعت عليهم) يا محمد (لوليت منهم فرارا) لما ألبسهم الله من الهيبة حتى لا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله فيوقظهم الله تعالى من رقدتهم (ولملئت منهم رعبا) خوفا قرأ أهل الحجاز بتشديد اللام والآخرون بتخفيفها
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»