وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صدقوك صدقناك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بهذا بعثت فقد بلغتكم ما أرسلت به فإن تقبلوه مني فه وحظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه أصبر لأمر الله قالوا فإن لم تفعل هذا فسل ربك أن يبعث لنا ملكا يصدقك واسأله أن يجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه فقال ما بعثت بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا قالوا فأسقط السماء كما زعمت إن ربك لو شاء فعل فقال ذلك إلى الله إن شاء فعل ذلك بكم فعله وقال قائل منهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام معه عبد الله بن أبي أمية وهو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب فقال يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا عليك فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا يعرفون بها منزلتك من الله تعالى فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل فوالله لا أؤمن لك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ترقي فيها وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك بما تقول وأيم الله لو فعلت ذلك لظننت أن لا أصدقك فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا لما رأى من مباعدتهم فأنزل الله تعالى (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض) يعني أرض مكة (ينبوعا) أي عيونا 91 (أو تكون لك جنة) بستان (من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا) تشقيقا 92 (أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) قرأ نافع وابن عامر وعاصم بفتح السين أي قطعا وهي جمع كسفة وهي القطعة والجانب مثل كسرة وكسر وقرأ الآخرون بسكون السين على التوحيد وجمعه أكساف وكسوف أي تسقطها طبقا واحدا وقيل أراد جانبها علينا وقيل معناه أيضا القطع وهي جمع التكسير مثل سدرة وسدر في الشعراء وسبأ (كسفا) بالفتح حفص وفي الروم ساكنة أبو جعفر وابن عامر (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) قال ابن عباس كفيلا أي يكفلون بما تقول وقال الضحاك ضامنا وقال مجاهد هو جمع القبيلة أي بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة وقال قتادة عيانا أي تراهم القابلة أي معاينة وقال الفراء هو من قول العرب لقيت فلانا قبيلا وقبيلا أي معاينة 93 (أو يكون لك بيت من زخرف) أي من ذهب وأصله الزينة (أو ترقى) تصعد (في السماء) هذا قول عبد الله بن أبي أمية (ولن نؤمن لرقيك) لصعودك (حتى تنزل علينا كتابا نقرأه) أمرنا فيه باتباعك (قل سبحان ربي) وقرأ ابن كثير وابن عامر (قال) يعني محمدا وقرأ الآخرون على الأمر أي قل يا محمد (هل كنت إلا بشرا رسولا) أمره بتنزيهه وتمجيده على معنى أنه لو أراد أن ينزل ما طلبوا لفعل ولكن الله لا ينزل الآيات على ما يقترحه البشر وما أنا إلا بشر وليس ما سألتم في طوق البشر واعلم أن الله تعالى قد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والمعجزات ما يغني عن هذا كله مثل القرآن وانشقاق القمر وتفجير العيون من بين الأصابع وما أشبهها
(١٣٧)