تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٤
الآية 18 إلى الآية 21 معناه إن الباطل وإن علا في وقت فإنه يضمحل وقيل جفاء أي متفرقا يقال جفأت الريح الغيم إذا فرقته وذهبت به (وأما ما ينفع الناس) يعني الماء والفلز من الذهب والفضة والصفر والنحاس (فيمكث في الأرض) أي يبقى ولا يذهب (كذلك يضرب الله الأمثال) جعل الله هذا مثالا للحق والباطل يعني أن الباطل كالزبد يذهب ويضيع الحق كالماء والفلز يبقى في القلوب وقيل هذا تسلية للمؤمنين يعني أن أمر المشركين كالزبد يرى في الصورة شيئا وليس له حقيقة وأمر المؤمنين كالماء المستقر في مكانه له البقاء والثبات 18 قوله تعالى (للذين استجابوا) أجابوا (لربهم) فأطاعوه (الحسنى) الجنة (والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به به) أي لبذلوا ذلك يوم القيامة افتداء من النار (أولئك لهم سوء الحساب) قال إبراهيم النخعي سوء الحساب أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له من شيء (ومأواهم) في الآخرة (جهنم وبئس المهاد) الفراش أي بئس ما مهد لهم 19 قوله تعالى (أفمن يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الحق) فيؤمن به ويعمل بما فيه (كمن هو أعمى) عنه لا يعلمه ولا يعمل به قيل نزلت في حمزة وأبي جهل وقيل في عمار وأبي جهل فالأول حمزة أو عمار والثاني أبو جهل وهو الأعمى أي لا يستوي من يبصر الحق ويتبعه ومن لا يبصره ولا يتبعه (إنما يتذكر) يتعظ (أولوا الألباب) ذوو العقول 20 (الذين يوفون بعهد الله) بما أمرهم الله تعالى به وفرضه عليهم فلا يخالفونه (ولا ينقضون الميثاق) وقيل أراد العهد الذي أخذه على ذرية آدم عليه السلام حين أخرجهم من صلبه 21 (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) قيل أراد به الإيمان بجميع الكتب والرسل ولا يفرقون بينهما والأكثرون على أنه أراد به صلة الرحم أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ثنا حميد بن زنجويه ثنا ابن
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»