الآية 16 إلى الآية 17 من سورة الرعد الله خالق السماوات والأرض اتخذتم من دونه أولياء فعبدتموها من دون الله يعني الأصنام وهم (لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا) فكيف يملكون لكم ثم ضرب لهم مثلا فقال (قل هل يستوي الأعمى والبصير) كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن (أم هل تستوي) قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر (يستوي) بالياء وقرأ الآخرون بالتاء لأنه حائل بين الاسم والفعل والمؤنث (الظلمات والنور) أي كما لا يستوي الظلمات والنور لا يستوي الكفر والإيمان (أم جعلوا) أي جعلوا (لله شركاء خلقوا كخلقة فتشابه به الخلق عليهم) أي اشتبه ما خلقوه بما خلقه الله تعالى لا يدرون ما خلق الله وما خلق آلهتهم (قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار) ثم ضرب الله تعالى مثلين للحق والباطل 17 فقال الله عز وجل (أنزل) يعني الله عز وجل (من السماء ماء) يعني المطر (فسالت) من ذلك الماء (أودية بقدرها) أي في الصغر والكبر (فاحتمل السيل) الذي حدث من ذلك الماء (زبدا رابيا) الزبد الخبث الذي يظهر على وجه الماء وكذلك على وجه القدر رابيا أي عاليا مرتفعا فوق الماء فالماء الصافي الباقي هو الحق والذاهب الزائل الذي يتعلق بالأشجار وجوانب الأودية هو الباطل وقيل قوله أنزل من السماء ماء هذا مثل للقرآن والأودية مثل للقلوب يريد ينزل القرآن فتحتمل منه القلوب على قدر اليقين والعقل والشك والجهل فهذا أحد المثلين والمثل الآخر قوله عز وجل (ومما يوقدون عليه في النار) قرأ حمزة والكسائي وحفص (يوقدون) بالياء لقوله تعالى (ما ينفع الناس) ولا مخاطبة ههنا قرأ الآخرون بالتاء ومما توقدون أي ومن الذي توقدون عليه النار والإيقاد جعل النار تحت الشيء ليذوب (ابتغاء حلية) أي لطلب زينة وأراد الذهب والفضة لأن الحلية تطلب منهما (أو متاع) أي طلب متاع وهو ما ينتفع بها (زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل) أي إذا أذيب فله أيضا زبد مثل زبد الماء فالباقي الصافي من هذه الجواهر مثل الحق والزبد الذي لا ينتفع به مثل الباطل (فأما الزبد) الذي علا السيل والفلز (فيذهب جفاء) أي ضائعا باطلا والجفاء ما رمى به الوادي من الزبد والقدر إلى جنباته يقال جفا الوادي وأجفا إذا ألقى غثاءه وأجفأت القدر وجفأت إذا غلت وألقت زبدها فإذا سكنت لم يبق فيها شيء
(١٣)