تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١١
سورة الرعد من الآية 14 13 (ويسبح الرعد بحمده) أكثر المفسرين على أن الرعد اسم ملك يسوق السحاب والصوت المسموع منه تسبيحه قال ابن عباس من سمع صوت الرعد فقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كل شيء قدير فإن أصابته صاعقة فعلى ديته وعن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث وقال سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويقول إن هذا الوعيد لأهل الأرض شديد وفي بعض الأخبار يقول الله تعالى \ لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولم أسمعهم صوت الرعد \ وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس الرعد ملك موكل بالسحاب يصرفه إلى حيث يؤمر وأن بحور الماء في نقرة إبهامه وأنه يسبح الله تعالى فإذا سبح لا يبقى ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح فعندها ينزل المطر (والملائكة من خيفته) أي تسبح الملائكة من خيفة الله عز وجل وخشيته وقيل أراد بهؤلاء الملائكة أعوان الرعد جعل الله تعالى له أعوانا فهم خائفون خاضعون طائعون قوله تعالى (ويرسل الصواعق) جمع صاعقة وهي العذاب المهلك ينزل من البرق فيحرق من يصيبه (فيصيب بها من يشاء) كما أصاب أربد بن ربيعة قال محمد بن علي الباقر الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر (وهم يجادلون) يخاصمون (في الله) نزلت في شأن أربد بن ربيعة حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم مم ربك أم در أم من ياقوت أم من ذهب فنزلت صاعقة من الماء فأحرقته وسئل الحسن عن قوله عز وجل (ويرسل الصواعق) الآية قال كان رجل من طواغيت العرب بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم نفرا يدعونه إلى الله ورسوله فقال لهم أخبروني عن رب محمد هذا الذي تدعونني إليه مم هو من ذهب أو فضة أو حديد أو نحاس فاستعظم القوم مقالته فانصرفوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ما رأينا رجلا أكفر قلبا ولا أعتى على الله منه فقال ارجعوا إليه فرجعوا إليه فرجعوا فجعل لا يزيدهم على مثل مقالته الأولى وقال أجيب محمدا إلى رب لا أراه ولا أعرفه فانصرفوا وقالوا يا رسول الله ما زادنا عن مقالته الأولى وأخبث فقال ارجعوا إليه فرجعوا إليه فبينما هم جلوس عنده ينازعونه ويدعونه وهو يقول هذه المقالة إذ ارتفعت سحابة فكانت فوق رؤوسهم فرعدت وبرقت ورمت بصاعقة فاحترق الكافر وهم جلوس فجاؤوا يسعون ليخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلهم قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم احترق صاحبكم فقالوا من أين علمتم فقالوا أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله) (وهو شديد المحال) قال علي رضي الله عنه شديد الأخذ وقال ابن عباس شديد الحول وقال الحسن شديد الحقد وقال مجاهد شديد القوة وقال أبو عبيدة شديد العقوبة وقيل شديد المكر والمحال والمماحلة المماكرة والمغالبة
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»