تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٩٩
سورة الأنعام (52) (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي) قرأ ابن عامر (بالغداة) بضم الغين وسكون الدال وواو بعدها هاهنا وفي سورة الكهف وقرأ الآخرون بفتح العين والدال وألف بعدها قال سلمان وخباب بن الرث فينا نزلت هذه الآية جاء الأقرع بن حابس التيمي وعيينة بن حصن الفزاري وذووهم من المؤلفة قلوبهم فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في ناس من ضعفاء المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فقالوا يا رسول الله لو جلست في صدر المجلس ونفيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم وكان عليهم جباب صوف لها رائحة لم يكن عليهم غيرها لجالسناك وأخذنا عنك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم ما أنا بطارد المؤمنين \ ح \ قالوا فإنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف به العرب فضلنا فإن وفود العرب تاتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا فإذا نحن فرغنا فاقعد ممعهم إن شئت قال نعم قالوا أكتب لنا عليك بذلك كتابا قال فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب قالوا ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل بقوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) إلى قوله (بالشاكرين) فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيفة من يده ثم دعانا فأتينا وهو يقول (سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) فكنا نقعد معه فإذا أراد أن يقوم قال وتلركنا فأنزل الله عز وجل (واصبر نفسك ممع الذين يدعون ربهمم بالغداة والعشي يريدون وجهه) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا بعد وندنوا منه حتى كانت ركبنا تمس ركبته فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم وقال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمتي معكم المحيا ومعكم الممات \ ح \ وقال الكلبي قالوا له اجعل لنا يوما ولهم يوما فقال لا أفعل فقالوا فاجعل المجلس واحدا فاقبل علينا وول ظهرك عليهم فأنزل الله تعالى هذه الآية (ولا تطرد الذين) قال مجاهد قالت قريش لولا بلال وابن أم عبد لبايعنا محمد فأنزل الله هذه الآية (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني صلاة الصبح وصلاة العصر ويروى عنه أن المراد منه الصلوات الخمس وذلك أن أناسا من الفقراء كانوا مع النبي عليه السلام فقال ناس من الأشراف إذا صلينا فأخر هؤلاء فليصلوا خلفنا فنزلت هذه الآية وقال مجاهد صليت الصبح مع سعيد بن الكسيب فلما سلم الإمام ابتدر الناس القاص فقال سعيد ما أسرع الناس إلى هذا المجلس قال مجاهد فقلت يتأولون قوله (يدعون ربهم بالغداة والعشي) قال أفي هذا هو إنمما ذلك في الصلاة التي انصرفنا عنها الآن وقال إبراهيم النخعي يعني يذكرون ربهم وقيل المراد منه حقيقة الدعاء (يريدون وجهه) أي يريدون الله بطاعتهم قال ابن عباس رضي الله عنهما يطلبون ثواب الله فقال (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء)
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»