تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٠
سورة يوسف من الآية 99 وحتى الآية 100 يعقوب بالسلام فقال يعقوب السلام عليك يا مذهب الأحزان وروي أنهما نزلا وتعاقنا وقال الثوري لما التقى يعقوب ويوسف عليهما السلام عانق كل واحد منهما صاحبه وبكيا فقال يوسف يا أبت بكيت حتى ذهب بصرك ألم تعلم أن القيامة تجمعنا قال بلى يا بني ولكن فارقتك وأنت صغير فخشيت أن يسلب دينك فيحال بيني وبينك 99 فذلك قوله (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه) أي ضم إليه (أبويه) قال أكثر المفسرين هو أبوه وخالته ليا وكانت أمه راحيل قد ماتت في نفاس بنيامين وقيل هو أبوه وأمه وكانت حية وفي بعض التفاسير أن الله عز وجل أحيا أمه حتى جاءت مع يعقوب إلى مصر (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) فإن قيل فقد قال فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه فكيف قال ادخلوا مصر بعدما اخبر أنهم دخلوها وما وجه هذا الاستثناء وقد حصل الدخول قيل إن يوسف إنما قال لهم هذا القول حين تلقاهم قبل دخولهم مصر وفي الآية تقديم وتأخير والاستثناء يرجع إلى الأمن من الجواز لأنهم كانوا لا يدخلون مصر قبله إلا بجواز من ملوكهم يقول آمنين من الجواز إن شاء الله كما قال (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) وقيل (إن) هاهنا بمعنى إذ يريد إذ شاء الله كقوله تعالى (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) أي إذ كنتم مؤمنين 100 (ورفع أبويه على العرش) أي على السرير أجلسهما والرفع هو النقل إلى العلو (وخروا له سجدا) يعني يعقوب وخالته وإخوته وكانت تحية الناس يومئذ بالسجود ولم يرد بالسجود وضع الجباه على الأرض وإنما هو الانحناء والتواضع وقيل وضعوا الجباه على الأرض وكان ذلك على طريق التحية والتعظيم لا على طريق العبادة وكان ذلك جائزا في الأمم السالفة فنسخ في هذه الشريعة وروي عن ابن عباس أنه قال معناه خروا لله عز وجل سجدا بين يدي يوسف والأول أصح (وقال) يوسف عند ذلك (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) هو قوله (إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) (وقد أحسن بي) أي أنعم علي (إذ أخرجني من السجن)
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 » »»