تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢٨٢
سورة آل عمران 12 13 بآياتنا فأخذهم الله) فعاقبهم الله (بذنوبهم) وقيل نظم الآية إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم عند حلول النقمة والعقوبة مثل آل فرعون وكفار الأمم الخالية أخذناهم فلن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا (والله شديد العقاب) 12 قوله تعالى (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم) قرأ حمزة والكسائي بالياء فيهماأي أنهم يغلبون ويحشرون وقرأ الآخرون بالتاء فيهما على الخطاب أي قل لهم إنكم ستغلبون وتحشرون قال مقاتل أراد مشركي مكة معناه قل لكفار مكة ستغلبون يوم بدر وتحشرون إلى جهنم في الآخرة فلما نزلت هذه الآية قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر \ إن الله غالبكم وحاشركم إلى جهنم \ وقال بعضهم المراد بهذه الآية اليهود وقال الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر هذا والله النبي الذي بشرنا به وسمي لا ترد له راية وأرادوا اتباعه ثم قال بعضهم لبعض لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة أخرى فلما كان يوم أحد ونكب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوا فغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا وقد كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة فنقضوا ذلك العهد وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكبا إلى مكة يستفزهم فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية وقال محمد بن إسحاق عن رجاله ورواه سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أنه لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال \ يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر وأسلموا قبل أن ينزل بكم مثل ما نزل بهم فقد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم \ فقالوا يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب أصبت منهم فرصة إنا والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس فأنزل الله تعالى (قل للذين كفروا) يعني اليهود (ستغلبون) تهزمون في الدنيا في قتالكم محمدا (وتحشرون) في الآخرة (إلى جهنم) (وبئس المهاد) أي الفراش أي بئس ما مهد لهم يعني النار 13 قوله تعالى (قد كان لكم آية) ولم يقل كانت والآية مؤنثة لأنه ردها إلى البيان أي قد كان بيان فذهب إلى المعنى وقال الفراء إنما ذكر لأنه حالت الصفة بين الفعل والاسم المؤنث فذكر الفعل وكل ما جاء من هذا النحو فهذا وجهه فمعنى الآية (قد كان لكم آية) أي عبرة ودلالة على صدق ما أقول إنكم ستغلبون (في فئتين) فرقتين وأصلها أفيء الحرب لأن بعضهم يفيء
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»