والحرام وما سوى ذلك متشابه يشبه بعضه بعضا في الحق ويصدق بعضه بعضا كقوله تعالى (وما يضلل به إلا الفاسقين) (ويجعل الرجس على الذين لا يؤمنون) وقال قتادة والضحاك والسدي المحكم الناسخ الذي يعمل به والمشتابه المنسوخ الذي يؤمن به ولا يعمل به وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال محكمات القرآن ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به والمتشابهات منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به وقيل المحكمات ما أوقف الله الخلق على معناه والمتشابه ما استأثر الله تعالى بعلمه ولا سبيل لأحد إلى علمه نحو الخبر عن أشراط الساعة وخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام وطلوع الشمس من مغربها وقيام الساعة وفناء الدنيا قال أحمد بن جعفر بن الزبير المحكم ما لا يحتمل من التأويل غير وجه واحد والمتشابه ما يحتمل أوجها وقيل المحكم ما يعرف معناه وتكون حجته واضحة ودلائله لائحة لا يشتبه والمتشابه هو الذي يدرك علمه بالنظر ولا يعرف العوام تفصيل الحق فيه من الباطل وقال بعضهم المحكم ما يستقل بنفسه في المعنى والمتشابه مالا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في رواية باذان المتشابه حروف التهجي في أوائل السور وذلك أن رهطا من اليهود منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف ونظراؤهما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له حيي بلغنا أنه أنزل عليك (ألم) ننشدك الله أأنزلت عليك قال نعم قال فإن كان ذلك حقا فإني أعلم مدة ملك أمتك هي إحدى وسبعون سنة فهل أنزل غيرها قال نعم (المص) قال فهذه أكثر هي إحدى وسبعون ومائة سنة قال فهل غيرها قال نعم (الر) قال هذه أكثر هي مائتان وإحدى وسبعون سنة فهل غيرها قال نعم (المر) قال هذه أكثر هي مائتان وإحدى وسبعون سنة ولقد خلطت علينا فلا ندري أبكثيره نأخذ أم بقليله ونحن ممن لا يؤمن بهذا فأنزل الله تعالى (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ) أي ميل عن الحق وقيل شك (فيتبعون ما تشابه منه) واختلفوا في المعنى بهذه الآية قال الربيع هم وفد نجران إن خاصموا النبي صلى الله عليه وسلم في عيسى عليه السلام وقالوا له ألست تزعم أنه كلمة الله وروح منه قال بلى قالوا حسبنا ذلك فأنزل الله هذه الآية وقال الكلبي هم اليهود طلبوا علم أجل هذه الأمة واستخراجه بحساب الجمل وقال ابن جريج هم المنافقون وقال الحسن هم الخوارج وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية (فأما الذين في قلوبهم زيغ) قال إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري من هم وقيل هم جميع المبتدعة أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد الله بن مسلمة أنا يزيد بن إبراهيم التستري عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) إلى قوله (أولوا الألباب) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم \ قوله تعالى (ابتغاء الفتنة) طلب الشرك قاله الربيع والسدي وقال مجاهد ابتغاء الشبهات واللبس ليضلوا بها جهالهم (وابتغاء تأويله) تفسيره وعلمه دليله قوله
(٢٧٩)