تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٤٢
سورة البقرة 176 177 الباطل قال الحسن وقتادة والله ما لهم عليها من صبر ولكن ما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار وقال الكسائي فما أصبرهم على أهل النار أي ما أدومهم عليه 176 (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق) يعني ذلك العذاب بأن الله نزل الكتاب بالحق فأنكروه وكفروا به وحينئذ يكون (ذلك) في محل الرفع وقال بعضهم محله نصب معناه فعلنا ذلك بهم (بأن الله) أي لأن الله نزل الكتاب بالحق فاختلفوا فيه وقيل معناه ذلك أي فعلهم الذين يفعلون من الكفر والاختلاف والاجتراء على الله من أجل أن الله نزل الكتاب بالحق وهو قوله تعالى (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أن لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم) (وإن الذين اختلفوا في الكتاب) فآمنوا ببعض وكفروا ببعض (لفي شقاق بعيد) أي في خلاف وضلال بعيد 177 قوله تعالى (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) قرأ حمزة وحفص (ليس البر) بنصب الراء والباقون برفعها فمن رفعها جعل البراسم ليس وخبره في قوله (أن تولوا) تقديره ليس البر توليتكم وجوهكم كقوله تعالى (ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا) والبر كل عمل خير يفضي بصاحبه إلى الجنة واختلفوا في المخاطبين بهذه الآية فقال قوم عنى بها اليهود والنصارى وذلك أن اليهود كانت تصلي قبل المغرب إلى بيت المقدس والنصارى قبل المشرق وزعم كل فريق منهم أن البر في ذلك فأخبر الله تعالى أن البر غير دينهم وعملهم ولكنه ما بينه في هذه الآية وعلى هذا القول قتادة ومقاتل بن حيان وقال الآخرون المراد بها المؤمنون وذلك أن الرجل كان في ابتداء الإسلام قبل نزول الفرائض إذا أتى بشهادتين وصلى الصلاة إلى أي جهة كانت ثم مات على ذلك وجبت له الجنة ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت الفرائض وحددت الحدود وصرفت القبلة إلى الكعبة أنزل الله هذه الآية فقال (ليس البر) أي كله أن تصلوا قبل المشرق والمغرب ولا تعملوا على غير ذلك (ولكن البر) ما ذكر في هذه الآية وعلى هذا القول ابن عباس ومجاهد وعطاء والضحاك (ولكن البر) قرأ نافع وابن عامر (ولكن) خفيف النون (البر) رفع وقرأ الباقون بتشديد
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»