خطأ وإن ادعوا قتل عمد فمن ماله ولا قود على قول الأكثرين وذهب بعضهم إلى وجوب القود وهو قول عمر بن عبد العزيز وبه قال مالك وأحمد وإن لم يكن على المدعي عليه لوث فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ثم هل يحلف يمينا واحدا أم خمسين يمينا فيه قولان أحدهما يمينا واحدة كما في سائر الدعاوي والثاني يحلف خمسين يمينا تغليظا لأمر الدم وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا حكم للوث ولا يبدأ بيمين المدعي وقال إذا وجد قتيل في محلة يختار الإمام خمسين رجلا من صلحاء أهلها فيحلفهم أنهم ما قتلوه ولا عرفوا له قاتلا ثم يأخذ الدية من سكانها والدليل على أن البداية بيمين المدعي عند وجود اللوث ما أخبرنا به عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرقا لحاجتهما فقتل عبد الله بن سهل فانطلق هو وعبد الرحمن أخو المقتول وحويصة ابن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له قتل عبد الله بن سهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم \ فقالوا يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ فتبرئكم يهود بخمسين يمينا \ فقالوا يا رسول الله كيف نقبل أيمان قوم كفار فعزم النبي صلى الله عليه وسلم عقله من عنده وفي لفظ آخر فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم عقله من عنده قال بشير بن يسار قال سهل لقد ركضتني فريضة من تلك الفرائض في مربد لنا وفي رواية لقد ركضتني ناقة حمراء من تلك الفرائض في مربد لنا وجه الدليل من الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بأيمان المدعين لتقوى جانبهم باللوث وهو أن عبد الله بن سهل وجد قتيلا في خيبر وكانت العداوة ظاهر بين الأنصار وأهل خيبر وكان يغلب على القلب أنهم قتلوه واليمين أبدا تكون حجة لمن يقوى جانبه وعند عدم اللوث تقوى جانب المدعى عليه من حيث أن الأصل براءة ذمته وكان القول قوله مع يمينه 74 قوله تعالى (ثم قست قلوبكم) أي يبست وجفت جفاف القلب خروج الرحمة واللين عنه وقيل غلظت وقيل اسودت (من بعد ذلك) من بعد ظهور الدلالات قال الكلبي قالوا بعد ذلك نحن لم نقتله فلم يكونوا قط أعمى قلبا ولا أشد تكذيبا لنبيهم منهم عند ذلك أي (فهي) في الغلظة والشدة (كالحجارة أو أشد قسوة) قيل أو بمعنى الواو كقوله (مائة ألف أو يزيدون) أي بل يزيدون وإنما لم يشبهها بالحديد مع أنه أصلب من الحجارة لأن الحديد قابل للين فإنه يلين بالنار وقد لان لداود عليه السلام والحجارة لا تلين قط ثم فضل الحجارة على القلب القاسي فقال (وإن من الحجارة لمن يتفجر منه الأنهار) قيل أراد به جميع الحجارة وقيل أراد به الحجر الذي كان يضرب عليه موسى للأسباط (وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء) أراد به عيونا دون الأنهار (وإن منها لما يهبط) ينزل من أعلى الجبل إلى أسفله (من خشية الله) وقلوبكم لا تلين ولا تخشع يا معشر اليهود فإن قيل الحجر جماد لا يفهم فكيف يخشى قيل الله يفهمه ويلهمه فيخشى بإلهامه ومذهب أهل السنة والجماعة أن لله تعالى علما في الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء لا يقف
(٨٥)