تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٨٣
قالت بثلاثة دنانير ولا تبع بغير مشورتي وكان ثمن البقرة ثلاثة دنانير فانطلق بها الفتى إلى السوق وبعث الله ملكا ليري خلقه قدرته وليختبر الفتى كيف بره بأمه وكان الله به خبيرا فقال له الملك بكم تبيع هذه البقرة قال بثلاثة دنانير وأشترط عليك رضى والدتي فقال الملك لك ستة دنانير ولا تستأمر والدتك فقال الفتى لو أعطيتني وزنها ذهبا لم آخذه إلا برضا أمي فردها إلى أمه وأخبرها بالثمن فقالت ارجع فبعها بستة دنانير على رضى مني فانطلق بها إلى السوق وأتى الملك فقال استأمرت أمك فقال الفتى إنها أمرتني أن لا أنقصها عن ستة دنانير على أن أستأمرها وقال الملك فإني أعطيك اثني عشر على أن لا تستأمرها فأبى الفتى ورجع إلى أمه فأخبرها بذلك فقالت إن الذي يأتيك ملك في صورة آدمي فإذا أتاك فقل له أتأمرنا أن نبيع هذه البقرة أم لا ففعل فقال له الملك اذهب إلى أمك وقل لها أمسكي هذه البقرة فإن موسى بن عمران عليه السلام يشتريها منك لقتيل يقتل في بني إسرائيل فلا تبعها إلا بملء مسكها دنانير فأمسكها وقدر الله تعالى على بني إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها فما زالوا يستوصفونها حتى وصفت لهم تلك البقرة بعينها مكافأة له على بره بوالدته فضلا منه ورحمة فذلك قوله تعالى 68 (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) أي ما سنها (قال) موسى (إنه يقول) يعني فسأل الله تعالى فقال إنه يعني إن الله تعالى يقول (إنها بقرة لا فارض ولا بكر) أي لا كبيرة ولا صغيرة والفارض المسنة التي لا تلد يقال منه فرضت تفرض فروضا والبكر الفتية الصغيرة التي لم تلد قط وحذفت الهاء منهما للاختصاص بالإناث كالحائض (عوان) وسط نصف (بين ذلك) أي بين السنين يقال عونت المرأة تعوينا إذا زادت على الثلاثين قال الأخفش العوان التي نتجب مرارا وجمعها عون (فافعلوا ما تؤمرون) من ذبح البقرة ولا تكثروا السؤال 69 (قالوا ادع لنا ربك لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها) قال ابن عباس شديدة الصفرة وقال قتادة صاف وقال الحسن الصفراء السوداء والأول أصح لأنه لا يقال أسود فاقع إنما يقال أصفر فاقع وأسود حالك وأحمر قانئ وأخضر ناضر وأبيض بقق للمبالغة (تسر الناظرين) إليها يعجبهم حسنها وصفاء لونها 70 (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) أسائمة أم عاملة (إن البقر تشابه علينا) ولم يقل تشابهت لتذكير لفظ البقر كقوله تعالى (أعجاز نخل منقعر) وقال الزجاج أي جنس البقر تشابه أي التبس واشتبه أمره علينا فلا نهتدي إليه (وإنا إن شاء الله لمهتدون) إلى وصفها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ وأيم الله لو لم يستثنوا لما بينت لهم إلى آخر الأبد \ 71 (قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول) مذللة بالعمل يقال رجل ذلول بين الذل ودابة ذلولة بينة الذل (تثير الأرض) تقلبها للزراعة (ولا تسقي الحرث) أي ليست بسانية (مسلمة) بريئة من
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»