تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٣٦
تعالى (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا) اعلم أن مسح الوجه واليدين واجب في التيمم واختلفوا في كيفيته فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يمسح الوجه واليدين مع المرفقين بضربتين يضرب كفيه على التراب فيمسح بهما جميع وجهه ولا يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعور ثم يضرب ضربة أخرى فيمسح يديه إلى المرفقين لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن أبي الصة قال مررت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ثم وضع يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي السلام ففيه دليل على وجوب مسح اليدين إلى المرفقين كما يجب غسلهما في الوضوء إلى المرفقين ودليل على أن التيمم لا يصح مالم يعلق باليد غبار التراب لأن النبي صلى الله عليه وسلم حت الجدار بالعصا ولو كان مجرد الضارب لما كان حته وذهب الزهري إلى أنه يمسح اليدين إلى المنكبين لما روي عن عمار أنه قال تيممنا إلى المناكب وذلك حكاية فعله لم ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم كما روي أنه قال أجنبت فتمعكت في التراب فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالوجه والكفين وذهب جماعة إلى أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين وهو قول علي وابن عباس رضي الله عنهم وبه قال الشعبي وعطاء بن أبي رباح ومكحول وإليه ذب الأوزاعي وأحمد وإسحق واحتجوا بما أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا آدم أنا شعبة أخبرنا الحكم عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال إني أجنبت فلم أصب الماء فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت فصليت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ إنما كان يكفيك هكذا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح وجهه وكفيه \ وقال محمد بن إسماعيل أنا محمد بن كثير عن شعبة بإسناده فقال عمار لعمر رضي الله عنه تمعكت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال \ يكفيك الوجه والكفان \ وفي الحديث دليل على أن الجنب إذا لم يجد الماء يصلي بالتيمم وكذا الحائض النفساء إذا طهرتا وعدمتا الماء وذهب عمر وابن مسعود رضي الله عنهما إلى أن الجنب لا يصلي بالتيمم بل يؤخر الصلاة إلى أن يجد الماء فيغتسل وحملا قوله تعالى (أو لمستم النساء) على اللمس باليد دون الجماع وحديث عمار رضي الله عنه حجة وكان عمر نسي ما ذكر له عمار فلم يقنع بقوله وروي أن ابن مسعود رضي الله عنه رجع عن قوله وجوز التيمم للجنب والدليل عليه أيضا ما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا إبراهيم بن محمد بن عياد بن منصور عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»