تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٤٧
سورة النساء 61 62 أخذ ديته مائة وسق من تمر وإذا قتل رجل من بني النضير رجلا من قريظة لم يقتل به وأعطي ديته ستين وسقا وكانت النضير وهم حلفاء الأوس اشرف وأكثر من قريظة وهم حلفاء الخزرج فلما جاء الله بالإسلام وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قتل رجل من النضير رجلا من قريظة فاختصموا في ذلك فقالت بنو النضير كنا وأنتم قد اصطلحنا على أن نقتل منكم ولا تقتلون منا وديتكم ستون وسقا وديتنا مائة وسق فنحن نعطيكم ذلك فقالت الخزرج هذا شيء كنتم فعلتموه في الجاهلية لكثرتكم وقلتنا فقهرتمونا ونحن وأنتم اليوم إخوة وديننا ودينكم واحد فلا فضل لكم علينا فقال المنافقون منهم انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي وقال المسلمون من الفريقين لا بل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بردة ليحكم بينهم فقال أعظموا اللقمة يعني الخطر فقالوا لك عشرة أوسق قال لا بل مائة وسق ديتي فأبوا إلا أن يعطوه عشرة أوسق وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله تعالى آيتي القصاص وهذه الآية (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) يعني إلى أبي بردة الكاهن أو كعب بن الأشرف (وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) 61 (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) أي يعرضون عنك إعراضا 62 (فكيف إذا أصابتهم مصيبة) هذا وعيد أي فكيف يصنعون إذا أصابتهم مصيبة (بما قدمت أيديهم) يعني عقوبة صدودهم وقيل هي كل مصيبة تصيب جميع المنافقين في الدنيا والآخرة وتم الكلام ههنا ثم عاد الكلام إلى ما سبق يخبر عن فعلهم فقال (ثم جاؤزك) يعني يتحاكمون إلى الطاغوت (ثم جاؤوك) أي يجيئونك يحلفون وقيل أراد بالمصيبة قتل عمر رضي الله عنه المنافق ثم جاؤوا يطلبون ديته (يحلفون بالله إن أردنا) ما أردنا بالعدول عنه في المحاكمة أو بالترافع إلى عمر (إلا إحسانا وتوفيقا) قال الكلبي إلا إحسانا في القول وتوفيقا صوابا وقال ابن كيسان حقا وعدلا نظيره (ليحلفن إن أردنا إلا الحسنى) وقيل هو إحسان بعضهم إلى بعض وقيل هو تقريب الأمر من الحق لا القضاء على أمر الحكم والتوفيق هو موافقة الحق وقيل هو التأليف والجمع بين الخصمين
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»