تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٣٩
سورة النساء 48 فيها من أنف وعين وفم وحاجب ونجعلها كالاقفاء وقيل نجعل عينيه على القفاء فيمشى قهقرى روي أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه لما سمع هذه الآية جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتي أهله ويده على وجهه وأسلم وقال يا رسول الله ما كنت أرى أن أصل إليك حتى يتحول وجهي في قفاي وكذلك كعب الأحبار لما سمع هذه الآية أسلم في زمن عمر رضي الله عنه فقال يا رب آمنت يا رب أسلمت مخافة أن يصيبه وعيد هذه الآية فإن قيل قد أوعدهم الله بالطمش إن لم يؤمنوا ثم لم يؤمنوا ولم يفعل بهم ذلك قيل هذا الوعيد باق ويكون طمس ومسخ في اليهودية قبل قيام الساعة وقيل هذا كان وعيد بشرط فلما أسلم عبد الله بن سلام وأصحابه دفع ذلك عن الباقين وقيل أراد به في القيامة وقال مجاهد أراد بقوله (نطمس وجوها) أي نتركهم في الصلالة فيكون المراد طمس وجه القلب والرد عن بصائر الهدى على أدبارها في الكفر والضلالة وأصل الطمش المحو والإفساد والتحويل وقال ابن زيد نمحو آثارهم من وجوههم ونواصيعم التي هم بها فنردها على أدبارها حتى يعودوا إلى حيث جاؤوا منه وهو الشام وقال قد مضى ذلك وتأوله في إجلاء بني النضير إلى أذرعات وأريحاء من الشام (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) فنجعلهم قردة وخنازير (وكان أمر الله مفعولا) 48 (إن الله لا يغفر أن يشرك به) قال الكلبي نزلت في وحشي بن حرب وأصحابه وذلك أنه لما قتل حمزة كان قد جعل له على قتله أن يعتق فلم يوف له بذلك فلما قدم مكة ندم على صنيعه هو وأصحابه فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قد ندمنا على الذي صنعنا وأنه ليس يمنعنا عن الإسلام إلا أنا سمعناك تقول وأنت بمكة (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) الآيات وقد دعونا مع الله إلها آخر وقتلنا النفس التي حرم الله وزنينا فلولا هذه الآيات لاتبعناك فنزلت (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) الآيتين فبعث بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما قرؤوا كتبوا إليه إن هذا شرط شديد نخاف أن لا نعمل صالحا فنزل (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فبعث بها إليهم فبعثوا إليه إنا نخاف أن لا نكون من أهل المشيئة فنزلت (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) فبعث بها إليهم فدخلوا في الإسلام ورجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل منهم ثم قال لوحشي أخبرني كيف قتلت حمزة فلما أخبره قال \ ويحك غيب وجهك عني \ فلحق وحشي بالشام فكان بها إلى أن مات وقال أبو مجلز عن ابن عمر رضي الله عنه لما نزل (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) الآية قام رجل فقال والشرك يا رسول الله فسكت ثم قام إليه مرتين أو ثلاثا فنزلت (إن الله لا يغفر أن يشرك به) وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير قال ابن عمر رضي الله عنه كنا على عهد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات الرجل على كبيرة شهدنا أنه من أهل النار حتى نزلت هذه الآية (إن الله
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»