تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٣٣
عند الشافعي وعند مالك والأوزاعي لا إعادة عليه وعند أبي حنيفة رضي الله عنهما يؤخر الصلاة حتى يجد الماء قوله تعالى (أو جاء أحد منكم من الغائط) أراد به إذا أحدث والغائط اسم للمطمئن من الأرض وكانت عادة العرب اتيان الغائط للحدث فكني عن الحدث بالغائط (أو لامستم النساء) قرأ حمزة والكسائي (لمستم) ههنا وفي المائدة وقرأ الباقون (لامستم النساء) واختلفوا في معنى اللمس والملامسة فقال قوم هو المجامعة وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وكني باللمس عن الجماع لأن الجماع لا يحصل إلا باللمس وقال قوم هما التقاء البشرتين سواء كان بجماع أو غير جماع وهو قول ابن مسعود وابن عمر والشعبي والنخعي واختلف الفقهاء في حكم هذه الآية فذهب جماعة إلى أنه إذا أفضى الرجل بشيء من بدنه إلى شيء ن بدن المرأة ولا حائل بينهما ينتقض وضوءهما وهو قول ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما وبه قال الزهري والأوزاعي والشافعي رضي الله عنهم وقال مالك والليث بن سعد وأحمد وإسحق إن كان اللمس بشهوة نقض الطهر وإن لم يكن بشهوة فلا ينتقض وقال قوم لا ينتقض الوضوء باللمس بحال وهو قول ابن عباس وبه قال الحسن والثوري وقال أبو حنيفة رضي الله عنه لا ينتقض إلا إذا حدث الانتشار واحتج من لم يوجب الوضوء باللمس بما أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد عمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطتهما قالت والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن يحيى بن مسعود عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كنت نائمة إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففقدته من اليل فلمسته بيدي فوقعت يدي على قدميه وهو ساجد وهو يقول \ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك \ واختلف قول الشافعي رضي الله عنه فيما لو لمس امرأة من محارمه كالأم والبنت والأخت أو لمس أجنبية صغيرة أصح القولين أنه لا ينتقض الوضوء لأنها ليست بمحل الشهوة كما لو لمس رجلا واختلف قوله في انتقاض وضوء الملموس على قولين أحدهما ينتقض لاشتراكهما في الالتذاذ كما يجب الغسل عليهما بالجماع والثاني لا ينتقض لحديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت فوقعت يدي على قدميه وهو ساجد ولو لمس شعر امرأة أو سنها أو ظفرها لم ينتقض وضوءه عنده واعلم أن المحدث لا تصح صلاته مالم يتوضأ إذا وجد الماء أو يتيمم إذا لم يجد الماء أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أخبرنا أبو طاهر الزيادي أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان أنا أحمد بن يوسف السلمي أنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنا أبو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ \ والحدث هو خروج الخارج من أحد الفرجين عينا كان أو أثرا أو الغلبة على العقل بجنون أو إغماء على أي حال كان وأما النوم فمذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يوجب الوضوء إلا أن ينام قاعدا متمكنا فلا وضوء عليه لما
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»