تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٣٤
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز الخلال أنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أنا الشافعي أنا الثقة عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنهما قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ويا يتوضئون وذهب قوم إلى أن النوم يوجب الوضوء بكل حال وهو قول أبي هريرة رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها وبه قال الحسن وإسحق والمزني وذهب قوم إلى أنه لو نام قائما أو قاعدا أو ساجدا فلا وضوء عليه حتى ينام مضطجعا وبه قال الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي واختلفوا في مس الفرج من نفسه أو من غيره فذهب جماعة إلى أنه يوجب الوضوء وهو قول عمر وابن عباس وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنها وبه قال سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق وكذلك المرأة تمس فرجها غير أن الشافعي رضي الله عنه يقول لا ينتقض إلا أن تلمس ببطن الكف أو بطون الأصابع واحتجوا بما أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول دخلت على مروان بن الحكم فذكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان من مس الذكر الوضوء فقال عروة ما علمت ذلك فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \ إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ \ وذهب جماعة إلى أنه لا يوجب الوضوء روي ذلك عن علي وابن مسعود وأبي الدرداء وحذيفة وبه قال الحسن وإليه ذهب الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي واحتجوا بما روي عن طلق بن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مس الرجل ذكره فقال \ هل هو إلا بضعة منك \ ويروى \ هل هو إلا بضعة أو مضغة منه \ ومن أوجب الوضوء منه قال هذا منسوخ بحديث بسرة لأن أبا هريرة يروي أيضا أن الوضوء من مس الذكر وهو متأخر الإسلام وكان قدوم طلق بن علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زمن الهجرة حين كان يبني المسجد واختلفوا في خروج النجاسة من غير الفرجين بالفصد والحجامة وغيرهما من القيء ونحوه فذهب جماعة إلى أنه لا يوجب الوضوء روي ذلك عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وبه قال عطاء وطاوس والحسن وسعيد بن المسيب وإليه ذهب مالك والشافعي وذهبت جماعة إلى إيجاب الوضوء بالقيء والرعاف والفصد والحجامة منهم سفيان الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي وأحمد وإسحق واتفقوا على أن القليل منه وخروج الريح من غير السبيلين لا يوجب الوضوء ولو أوجب الوضوء كثيره لأوجب قليل الوضوء كالفرج (فلم تجدوا ماء فتيمموا) اعلم أن التيمم من خصائص هذه الأمة روى حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»