تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
فيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون وإنما يكون عددا ومددا قال محمد بن إسحاق لما كان يوم أحد انجلى القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي سعد بن مالك يرمي وفتى شاب يتنبل له كلما فني النبل أتاه به فنثره فقال إرم يا أبا إسحق مرتين فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل فلم يعرفه أحد أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد العزيز بن عبد الله أنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده عن سعد بن أبي وقاص قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة قال أخبرنا محمد بن بشر وأبو أسامة عن مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن سعد يعني ابن أبي وقاص قال رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبل ولا بعد يعني جبريل وميكائيل وقال الشعبي بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين فشق ذلك عليهم فأنزل الله تعالى (ألن يكفيكم أن يمدكم) إلى قوله (مسومين) فبلغ كرزا الهزيمة فرجع فلم يأتهم ولم يمدهم فلم يمدهم الله أيضا بالخمسة آلاف وكانوا قدموا بألف وقال الآخرون إنما وعد الله تعالى المسلمين يوم بدر إن صبروا على طاعته واتقوا محارمه أن يمدهم أيضا في حروبهم كلها فلم يصبروا إلا يوم الأحزاب فأمدهم حين حاصروا قريظة والنضير قال عبد الله بن أبي أوفى كنا محاصري قريظة والنضير ما شاء الله فلم يفتح علينا فرجعنا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل فهو يغسل رأسه إذا جاءه جبريل عليه السلام فقال وضعتم أسلحتكم ولم تضع الملائكة أوزارها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخرقة فلف بها رأسه ولم يغسله ثم نادى فينا فقمنا حتى أتينا قريظة والنضير فيومئذ أمدنا الله تعالى بثلاثة آلاف من الملائكة ففتح لنا فتحا يسيرا وقال الضحاك وعكرمة كان هذا يوم أحد وعدهم الله المدد إن صبروا فلم يصبروا فلم يمدوا قوله تعالى (أن يمدكم ربكم) الإمداد إعانة الجيش وقيل ما كان على جهة القوة والإعانة يقال فيه أمده إمدادا وما كان على جهة الزيادة ويقال فيه مده مددا منه قوله تعالى (والبحر يمده) وقيل المد في الشر والإمداد في الخير يدل عليه قوله تعالى (ويمدهم في طغيانهم) (ونمد له من العذاب مدا) وقال في الخير (إني ممدكم بألف من الملائكة منزلين) وقال (وأمددناكم بأموال وبنين) قوله تعالى (بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين) قرأ ابن عامر تشديد الزاي على التكثير لقوله تعالى (ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة) وقرأ الآخرون بالتخفيف دليله قوله تعالى (لولا أنزل علينا الملائكة) وقوله (وأنزل جنودا لم تروها) ثم قال (بلى) نمدكم (إن تصبروا) لعدوكم (وتتقوا) مخالفة نبيكم (ويأتوكم) يعني المشركين (من فورهم هذا) قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والحسن وأكثر المفسرين من ودههم هذا وقال مجاهد والضحاك من غضبهم هذا لأنهم إنما رجعوا للحرب يوم أحد من غضبهم ليوم بدر (يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة) لم يرد خمسة آلاف سوى ما ذكر من
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»