تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
سورة آل عمران 56 59 القيامة) قال قتادة والربيع والشعبي ومقاتل والكلبي هم أهل الإسلام الذين صدقوه واتبعوا دينه في التوحيد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهو فوق الذين كفروا ظاهرين قاهرين بالعزة والمنعة والحجة وقال الضحاك يعني الحواريين فوق الذين كفروا وقيل هم أهل الروم وقيل أراد بهم النصارى أي فهم فوق اليهود إلى يوم القيامة فإن اليهود قد ذهب ملكهم وملك النصارى دائم إلى قريب من قيام الساعة فعلى هذا يكون الاتباع بمعنى الادعاء يكون الاتباع بمعنى الادعاء والمحبة لا اتباع الدين (ثم إلي مرجعكم) في الآخرة (فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) من الدين وأمر عيسى 56 (فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا) بالقتل والسبي والجزية والذلة (والآخرة) أي وفي الآخرة بالنار (وما لهم من ناصرين) 57 (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم) قرأ ورش والحسن وحفص بالياء والباقون بالنون أي يوفيهم أجور أعمالهم (والله لا يحب الظالمين) أي لا يرحم الكافرين ولا يثني عليهم بالجميل 58 (ذلك) أي هذا الذي ذكرته لك من الخبر عن عيسى ومريم والحواريين (نتلوه عليك) يعني نخبرك به بتلاوة جبريل عليك (من الآيات والذكر الحكيم) يعني القرآن والذكر ذي الحكمة وقال مقاتل الذكر الحكيم أي المحكم الممنوع من الباطل وقيل الذكر الحكيم هو اللوح المحفوظ وهو معلق بالعرش من درة بيضاء وقيل من الآيات أي من العلامات الدالة على نبوتك لأنها أخبار لا يعلمها إلا قارئ كتاب الله أو من يوحى إليه وأنت أمي لا تقرأ 59 (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) الآية نزلت في وفد نجران وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مالك تشتم صاحبنا قال وما أقول قالوا تقول إنه عبد الله قال \ أجل هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول \ فغضبوا وقالوا هل رأيت إنسانا قط من غير أب فأنزل الله تعالى هذه الآية (إن مثل عيسى عند الله) في كونه خلقه من غير أب كمثل آدم لأنه خلق من غير أب وأم (خلقه من تراب ثم قال له) يعني لعيسى عليه السلام (كن فيكون) يعني فكان فإن قيل ما معنى قوله (خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) خلقا ولا تكوين بعد الخلق قيل معناه ثم أخبركم أني قلت له كن فكان من غير ترتيب في الخلق كما يكون في الولادة وهو مثل قول الرجل أعطيتك اليوم
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»