تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٢١٣
سورة البقرة 234 ينفق عليه أجبرت عصبته الذين يرثونه على أن يسترضعوه وقيل هو وارث الصبي من كان من الرجال والنساء وهو قول قتادة وابن أبي ليلى ومذهب أحمد وإسحق وقالوا يجبر على نفقته كل وارث على قدر ميراثه عصبته كانوا أو غيرهم وقال بعضهم هو من كان ذا رحم محرم من ورثة المولود فمن ليس بمحرم مثل ابن العم والمولى فغير مراده بالآية وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وذهب جماعة إلى أن المراد بالوارث هو الصبي نفسه الذي هو وارث أبيه المتوفى يكون أجرى رضاعه ونفقته في ماله فإن لم يكن له مال فعلى الأم ولا يجبر على نفقة الصبي إلا الوالدان وهو قول مالك والشافعي رحمهما اللهه وقيل هو الباقي من والدي المولود بعد وفاة الآخر عليه مثل ما كان على الأب من أجرة الرضاع والنفقة والكسوة وقيل ليس المراد منه النفقة بل معناه وعلى الوارث ترك المضارة وبه قال الشعبي والزهري (فإن أرادا) يعني الوالدين (فصالا) فطاما قيل الحولين (عن تراض منهما) أي اتفاق الوالدين (وتشاور) أي يشاورون أهل العلم به حتى يخبروا أن الفطام في ذلك الوقت لا يضر بالولد والمشاورة استخراج الرأي (فلا جناح عليهما) أي لا حرج عليهما في الفطام قبل الحولين (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) أي لأولادكم مراضع غير أمهاتهم إذا أبت أمهاتهم إرضاعهم (ما آتيتم) ما سميتم لهن من أجرة الرضاع بقدر ما أرضعن وقيل إذا سلمتم أجور المراضع إليهن (بالمعروف) قرأ ابن كثير (ما آتيتم) وفي الروم (وما آتيتم من ربا) بقصر الألف ومعناه ما فعلتم يقال أتيت جميلا إذا فعلته فعلى هذه القراءة يكون التسليم بمعنى الطاعة والانقياد لا بمعنى تسليم الأجرة يعني إذا سلمتم لأمره وانقدتم لحكمه وقيل إذا سلمتم للاسترضاع عن تراض وإنفاق دون الضرار (واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير) 234 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) أي يموتون ويتوفى آجالهم وتوفى واستوفى بمعنى واحد ومعنى التوفي أخذ الشيء وافيا (ويذرون أزواجا) يتركون أزواجا (يتربصن) ينتظرن (بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) أي يعتدون بترك الزينة والطيب والنقلة على فراق أزواجهن هذه المدة إلا أن يكن حوامل فعدتهن بوضع الحمل وكانت عدة الوفاة في الابتداء حولا كاملا لقوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج) ثم نسخت بأربعة أشهر وعشرا وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد كانت هذه العدة يعني أربعة أشهر وعشرا واجبة عند أهل زوجها فأنزل الله تعالى متاعا إلى الحول فجعل لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية إن شاءت
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»