تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٨٢
فصلبوه حيا فقال اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد حولي يبلغ سلامي رسولك فأبلغه سلامي ثم قام أبو سرعة عقبة بن الحارث فقتله ويقال كان رجل من المشركين يقال له سلامان أبو ميسرة معه رمح فوضعه بين ثدي خبيب فقال له خبيب اتق الله فما زاده ذلك إلا عتوا فطعنه فأنفذه وذلك قوله عز وجل (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم) يعني سلامان وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية لقتله بأبيه أمية بن خلف فبعثه مع مولى له يسمى نسطاس إلى التنعيم ليقتله بأبيه واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الآن بمكانك ونضرب عنقه وإنك في أهلك فقال والله ما أحب أن محمدا صلى الله عليه وسلم الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي فقال أبو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا ثم قتله نسطاس فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخبر قال لأصحابه \ أيكم ينزل خبيبا عن خشبته وله الجنة \ فقال الزبير أنا يا رسول الله وصاحبي المقداد بن الأسود فخرجا يمشيان بالليل ويكمنان بالنهار حتى أتيا التنعيم ليلا وإذا حول الخشبة أربعون رجلا من المشركين نائمون نشاوى فأنزلاه فإذا هو رطب ينثني لم يتغير منه شيء بعد أربعين يوما ويده على جراحته وهي تبط دما اللون لون الدم والريح ريح المسك فحمله لزبير على فرسه فساروا فانتبه الكفار وقد فقدوا خبيبا فأخبروا قريشا فركب منهم سبعون فلما لحقوهم قذف الزبير خبيبا فابتلعته الأرض فسمي بليع الأرض فقال الزبير ما جراكم علينا يا معشر قريش ثم رفع العمامة عن رأسه وقال أنا الزبير بن العوام وأمي صفية بنت عبد المطلب وصاحبي المقداد بن الأسود أسدان رابضان يدافعان عن شبليهما فإن شئتم ناضلتكم وإن شئتم نازلتكم وإن شئتم انصرفتم فانصرفوا إلى مكة وقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عنده فقال يا محمد إن الملائكة لتباهي بهذين من أصحابك فنزل في الزبير والمقداد بن الأسود (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) حين شريا أنفسهما بإنزال خبيب عن خشبته وقال أكثر المفسرين نزلت في صهيب بن سنان الرومي حين أخذه المشركون في رهط من المؤمنين فعذبوهم فقال لهم صهيب إني شيخ كبير لا يضركم أمنكم كنت أم من غيركم فهل لكم أن تأخذوا مالي وتذروني وديني ففعلوا وكان شرط عليهم راحلة ونفقة فأقام بمكة ما شاء الله ثم خرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعمر في رجال فقال له أبو بكر ربح بيعك يا أبا يحيى فقال له صهيب وبيعتك فلا تتحسر قال صهيب ماذا لي فقد أنزل الله فيك وقرأ هذه الآية وقال سعيد بن المسيب وعطاء أقبل صهيب مهاجرا نحو النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من مشركي قريش فنزل عن راحلته ونثل ما كان في كنانته ثم قال يا معشر قريش لقد علمتم إني لمن أرماكم رجلا والله لا أضع سهما مما في كنانتي إلا في قلب رجل منكم وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي ثم افعلوا ما شئتم وإن شئتم دللتكم على مالي بمكة وخليتم سبيلي قالوا نعم ففعل ذلك فأنزل الله هذه الآية وقال الحسن أتدرون فيمن نزلت هذه الآية نزلت في المسلم يلقى الكافر فيقول له قل لا إله إلا الله فيأبى أني قولها فقال المسلم والله لاشرين نفسي لله فتقدم فقاتل وحده حتى قتل وقيل نزلت الآية في الأمر
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»