تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٧٠
يطعم فرقا بين ستة مساكين أوي هدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام قوله تعالى (ففدية من صيام) أي ثلاثة أيام (أو صدقة) أي ثلاثة آصع على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع (أو نسك) واحدتها نسيكة أي ذبيحة أعلاها بدنة وأوسطها بقرة وأدناها شاة أيتها شاء ذبح فهذه الفدية على التخيير والتقدير ويتخير بين أن يذبح أو يصوم أو يتصدق وكل هدي أو طعام يلزم المحرم يكون بمكة ويتصدق به على مساكين الحرم إلا هديا يلزم المحصر فإنه يذبحه حيث أحصر وأما الصوم فله أن يصوم حيث شاء قوله تعالى (فإذا أمنتم) أي من خوفكم وبرأتم من مرضكم (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) اختلفوا في هذه المتعة فذهب عبد الله بن الزبير إلى أن معناه فمن أحصر حتى فاته الحج ولم يتحلل فقدم مكة يخرج من إحرام بعمل عمرة واستمتع بإحلاله ذلك فتلك العمرة إلى السنة المقبلة ثم حج فيكون متمتعا بذلك الإحلال إلى إحرامه الثاني في العام القابل وقال بعضهم معناه فإذا أمنتم وقد حللتم من إحرامكم بعد الإحصار ولم تقضوا عمرتكم وأخرتم العمرة إلى السنة القابلة فاعتمرتم في أشهر الحج ثم حللتم فاستمتعتم بإحلالكم إلى الحج ثم أحرمتم بالحج فعليكم ما استيسر من الهدي وهو قول علقمة وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وقال ابن عباس وعطاء وجماعة هو الرجل يقدم معتمرا من أفق الآفاق في أشهر الحج فقضى عمرته وأقام حلالا بمكة حتى أنشأ منها الحج فحج من عامه ذلك فيكون مستمتعا بالإحلال من العمرة إلى إحرامه بالحج فمعنى التمتع هو الاستمتاع بعد الخروج من العمرة بما كان محظورا عليه في الإحرام إلى إحرامه بالحج ولوجوب هدي التمتع أربع شرائط أحدها أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج والثاني أن يحج بعد الفراغ من العمرة في هذه السنة الثالث أن يحرم بالحج في مكة ولا يعود إلى الميقات لإحرامه الرابع أن يكون من حاضري المسجد الحرام فمتى وجدت هذه الشرائط فعليه ما استيسر من الهدي وهو دم شاة ويذبحها يوم النحر فلو ذبحها قبل يوم النحر كدم الأضحية قوله تعالى (فمن لم يجد) الهدي (فصيام ثلاثة أيام في الحج) أي صوموا ثلاثة أيام يصوم يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ولو صام قبلة بعدما أحرم بالحج جاز ولا يجوز يوم لنحر ولا أيام التشريق عند أكثر أهل العلم وذهب بعضهم إلى جواز صوم الثلاثة في أيام التشريق يروى ذلك عن عائشة وابن عمر وابن الزبير وهو قول مالك والأوزاعي وأحمد وإسحق قوله تعالى (وسبعة إذا رجعتم) أي صوموا سبعة أيام إذا رجعتم إلى أهليكم وبلدكم فلو صام السبعة قبل الرجوع إلى أهله لا يجوز وهو قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وقيل يجوز أن يصومها بعد الفراغ من أعمال الحج وهو المراد من الرجوع المذكور في الآية قوله تعالى (تلك عشرة كاملة) ذكرها على وجه التأكيد وهذا لأن العرب ما كانوا يهتدون إلى الحساب فكانوا يحتاجون إلى فضل شرح وزيادة بيان وقيل فيه تقديم وتأخير يعني فصيام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم فهي عشرة كاملة وقيل كاملة في الثواب والأجر وقيل كاملة فيما أريد به من إقامة الصوم بدل الهدي وقيل كاملة شروطها
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»