تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٥٩
سورة البقرة 188 الشيء والاعتكاف في الشرع هو الإقامة في المسجد على عبادة الله وهو سنة ولا يجوز في غير المسجد ويجوز في جميع المساجد أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الله بن يوسف أخبرنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ثم اعتكفت أزواجه من بعده والآية نزلت في نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يعتكفون في المسجد فإذا عرضت للرجل منهم الحاجة إلى أهله خرج إليها فجامعها ثم اغتسل فرجع إلى المسجد فنهوا عن ذلك ليلا ونهارا حتى يفرغوا من اعتكافهم فالجماع حرام في حال الاعتكاف ويفسد به الاعتكاف أما ما دون الجماع من المباشرات كالقبلة واللمس بالشهوة فمكروه ولا يفسد به الاعتكاف عند أكثر أهل العلم وهو أظهر قولي الشافعي كما لا يبطل به الحج وقالت طائفة يبطل بها اعتكافه وهو قول مالك وقيل إن أنزل بطل اعتكافه لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف أدنى إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان قوله تعالى (تلك حدود الله) يعني تلك الأحكام التي ذكرها في الصيام والاعتكاف حدود أي ما منع الله عنها قال السدي شروط الله وقال شهر بن حوشب فرائض الله وأصل الحد في اللغة المنع ومنه يقال للبواب حداد لأنه يمنع الناس من الدخول وحدود الله ما يمنع الناس من مخالفتها (فلا تقربوها) فلا تأتوها (كذلك) هكذا (يبين الله آياته للناس لعلم يتقون) لكي يتقوها فينجوا من العذاب 188 قوله تعالى (يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) قيل نزلت هذه الآية في امرؤ القيس بن عابس الكندي ادعى عليه ربيعة بن عبدان الحضرمي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي ألك بينة قال لا قال فلك يمينه فانطلق ليحلف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ إما أن يحلف على ماله ليأكله ظلما ليلقين الله وهو عنه معرض \ فأنزل الله هذه الآية (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) أي لا يأكل بعضهكم مال بعض بالباطل أي من غير الوجه الذي أباحه الله وأصل الباطل الشيء الذاهب والأكل الباطل أنواع قد يكون بطريق الغصب والنهب وقد يكون بطريق اللهو كالقمار وأجرة المغني وغيرهما وقد يكون بطريق الرشوة والخيانة (وتدلوا بها إلى الحكام) أي تلقوا أمور تلك الأموال بينكم وبين أربابها إلى الحكام وأصل الإدلاء إرسال الدلو وإلقاؤه في البئر يقال أدلى دلوه إذا أرسله ودلاه يدلوه إذا
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»