تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٧٢
وإنما أتاه في ساعة منه ويقولون زرتك العام وإنما زاره في بعضه وقيل الاثنان فما فوقهما جماعة لأن معنى الجمع ضم شيء إلى شيء فإذا جاز أن يسمي الاثنان جماعة جاز أن يسمي الاثنان وبعض الثالث جماعة وقد ذكر الله تعالى الاثنين بلفظ الجمع فقال (فقد صغت قلوبكما) أي قلباكما وقال عروة بن الزبير وغيره أراد بالأشهر شوالا وذا القعدة وذا الحجة كمالا لأنه يبقى على الحاج أمور بعد عرفة يجب عليه فعلها مثل الرمي والذبح والحلق وطواف الزيارة والبيتوتة بمنى فكانت في حكم الجمع (فمن فرض فيهن الحج) أي فمن أوجب على نفسه الحج بالإحرام والتلبية وفيه دليل على أن من أحرم بالحج في غير أشهر الحج لا ينعقد إحرامه بالحج وهو قول ابن عباس وجابر وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي وقال سعيد ينعقد إحرامه بالعمرة لأن الله تعالى خص هذه الأشهر بفرض الحج فيها فلو انعقد في غيرها لم يكن لهذا التخصيص فائدة كما أنه علق بالصلوات بالمواقيت ثم من أحرم بفرض الصلاة قبل دخول وقته لا ينعقد إحرامه عن العرض وذهب جماعة إلى أنه ينعقد إحرامه بالحج وهو قول مالك والثوري وأبي حنيفة وأما العمرة فجميع أيام السنة لها وقت إلا أن يكون متلبسا بالحج وروي عن أنس أنه كان بمكة فكان إذا حمم رأسه خرج فاعتمر قوله تعالى (فلا رفث ولا فسوق) قرأ ابن كثير وأهل البصرة (فلا رفث ولا فسوق) بالرفع والتنوين فيهما وقرأ الآخرون بالنصب من غير تنوين كقوله تعالى (ولا جدال في الحج) وقرأ أبو جعفر كلها بالرفع والتنوين واختلفوا في الرفث قال ابن مسعود وابن عباس وابن عمر هو الجماع وهو قول الحسن ومجاهد وعمرو بن دينار وقتادة وعكرمة والربيع وإبراهيم النخعي وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الرفث غشيان النساء والتقبيل والغمز وأن يعرض لها بالفحش من الكلام قال حصين بن قيس أخذ ابن عباس رضي الله عنهما بذنب بعيره فجعل يلويه وهو يحدو ويقول (وهن يمشين بنا هميسا أن يصدق الطير ننك لميسا) فقلت له أترفث وأنت محرم فقال إنماالرفث ما قيل عند النساء قال طاوس الرفث التعريض للنساء بالجماع وذكره بين أيديهن وقال عطاء الرفث قول الرجل للمرأة في حال الإحرام إذا حللت أصبتك وقيل الرفث الفحش والقول القبيح أما الفسوق فقد قال ابن عباس هو المعاصي كلها وهو قول طاوس والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والزهري والربيع والقرظي وقال ابن عمر هو ما نهي عنه المحرم في حال الإحرام من قتل الصيد وتقليم الأظفار وأخذ الأشعار وما أشبههما وقال إبراهيم وعطاء ومجاهد هو السباب بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم \ سباب المسلم فسوق وقتاله كفر \ وقال الضحاك هو التنابز بالألقاب بدليل قوله تعالى (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) أخبرنا
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»