تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٦٦
تخرج من أهلك لهما ولا تخرج لتجارة ولا لحاجة أخرى قال عمر بن الخطاب الوفد كثير والحاج قليل واتفقت الأمة على وجوب الحج على من استطاع إليه سبيلا واختلفوا في وجوب العمرة فذهب أكثر أهل العلم إلى وجوبها وهو قول عمر وعلي وابن عمر وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال والله إن العمرة لقرينة الحج في كتاب الله (وأتموا الحج والعمرة لله) وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد والحسن وقتادة وسعيد بن جبير وإليه ذهب الثوري والشافعي في أصح قوليه وذهب قوم إلى أنها سنة وهو قول جابر وبه قال الشعبي وإليه ذهب مالك وأهل العراق وتأولوا قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) على معنى أتموهما إذا دخلتم فيها أما ابتداء الشروع فيها فتطوع واحتج من لم يوجبها بما روي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن العمرة أواجبة هي فقال \ لا وإن تعتمروا خير لكم \ والقول الأول أصح ومعنى قوله (وأتموا الحج والعمرة لله) أي ابتدؤهما فإذا دخلتم فيهما فأتموهما فهو أمر بالإبداء والإتمام أي أقيموهما كقوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) أي ابتدؤه وأتموه أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جعفر الزياتي أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا ابن أبي شيبة أخبرنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عاصم عن شقيق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور جزاء إلا الجنة \ وقال ابن عمر ليس من خلق الله أحد إلا وعليه حجة وعمرة واجتبان إن استطاع إلى ذلك سبيلا كما قال اللهه تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) فمن زاد بعد ذلك فهو خير تطوع واتفقت الأمة على أن يجوز أداء الحج والعمرة على ثلاثة أوجه الإفراد والتمتع والقران فصورة الإفراد أن يفرد الحج ثم بعد الفراغ منه يعتمر وصورة التمتع أن يعتمر في أشهر الحج ثم بعد الفراغ من أعمال العمرة يحرم بالحج من مكة فيحج في هذا العام وصورة القران أن يحرم بالحج والعمرة معا أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل أن يفتتح الطواف فيصير قارنا واختلفوا في الأفضل من هذه الوجوه فذهب جماعة إلى أن الإفراد أفضل ثم التمتع ثم القران وهو قول مالك والشافعي لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بالعمرة فحل وأما من أهل بالحج أو جمع بين الحج والعمرة فلن يحل حتى كان يوم النحر أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»