تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٦٨
متعارضة وقد روينا عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وقال ابن شهاب عن عروة إن عائشة أخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم في تمتعه بالعمرة إلى الحج فتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم عن ابن عمر وقال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ هذه عمرة استمتعنا بها \ وقال سعد بن أبي وقاص في المتعة صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه قال شيخنا الإمام وما روي عن جابر أنه قال خرجنا لا ننوي إلا الحج لا ينافي التمتع لأن خروجهم كان لقصد الحج ثم منهم من قدم العمرة ومنهم من أهل بالحج إلى أن أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله متعة قوله تعالى (فإن أحصرتم) اختلف العلماء في الإحصار الذي يبيح للمحرم التحلل من إحرامه فذهب جماعة إلى أن كل مانع يمنعه عن الوصول إلى البيت الحرام والمضي في إحرامه من عدو أو مرض أو جرح أو ذهاب نفقة أو ضلال راحلة يبيح له التحلل وبه قال ابن مسعود وهو قول إبراهيم النخعي والحسن ومجاهد وعطاء وقتادة وعروة بن الزبير وإليه ذهب سفيان الثوري وأهل العراق وقالوا إن الإحصار في كلام العرب هو حبس العلة أو المرض وقال الكسائي وأبو عبيدة ما كان من مرض أو ذهاب نفقة يقال منه أحصر فهو محصر وما كان من حبس عدو أو سجن يقال منه حصر فهو محصور إنما جعل ههنا حبس العدو إحصارا قياسا على المرض إذا كان في معناه واحتجوا بما روي عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ من كسر أو عرج فقد حل عليه الحج من قابل \ قال عكرمة فسألت ابن عباس وأبا هريرة فقالا صدق وذهب جماعة إلا أنه لا يباح له التحلل إلا بحبس العدو وهو قولابن عباس وقلا لا حصر إلا حصر العدو وروي معناه عن ابن عمر وعبد الله بن الزبير وهو قول سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحق وقالوا الحصر والإحصار بمعنى واحد وقال ثعلب تقول العرب حصرت الرجل عن حاجته فهو محصور واحصره العدو إذا منعه عن السير هو محصر واحتجوا بأن نزول هذه الآية في قصة الحديبية كان ذلك حبسا من جهة العدو ويدل عليه قوله تعالى في سياق الآية (فإذا أمنتم) والأمن يكون من الخوف وضعفوا حديث الحجاج بن عمرو بما ثبت عن ابن عباس أنه قال لا حصر إلا حصر العدو وتأوله بعضهم على أنه إنما يحل بالكسر والعرج إذا كان قد شرط ذلك في عقد الإحرام كما روي أن ضباعة بنت الزبير كانت وجعة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم \ حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني \ ثم المحصر يتحلل بذبح الهدي وحلق الرأس والهدي بشاة وهو المراد من قوله تعالى (فما استيسر من الهدي) ومحل ذبحه حيث أحصر عند أكثر أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح الهدي عام الحديبية بها وذهب قوم إلى أن المحصر يقيم على إحرامه ويبعث بهديه إلى الحرم ويواعد من يذبحه هناك ثم يحل وهو قول أهل العراق واختلف القول في المحصر إذا لم يجد هديا ففي قول لا بدل له
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»