تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٦٣
سورة البقرة 194 يعبد شيء دونه قال نافع جاء رجل إلى ابن عمر في فتنة ابن الزبير فقال ما يمنعك أن تخرج قال يمنعني أن الله حرم دم أخي قال ألا تسمع ما ذكره الله عز وجل (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) فقال يا ابن أخي ولإن أعتبر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل فيها (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) قال ألم يقل الله (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) قال فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان الإسلام قليلا وكان الرجل يفتن في دينه ما يقتلونه أو يعذبونه حتى كثر الإسلام فلم تكون فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله وعن سعيد بن جبير قال قال رجل لابن عمر كيف ترى في قتال الفتنة فقال هل تدري ما الفتنة كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول عليهم فتنة وليس قتالكم كقتالهم على الملك (فإن انتهوا) عن الكفر وأسلموا (فلا عدوان) فلا سبيل (إلا على الظالمين) قاله ابن عباس يدل عليه قوله تعالى (أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي) أي فلا سبيل علي وقال أهل المعاني العدوان الظلم أي فإن أسلموا فلا نهب ولا أسر ولا قتل إلا على الظالمين الذين بقوا على الشرك وما يفعل بأهل الشرك من هذه الأشياء لا يكون ظلما وسماه عدوانا على طريق المجازات والمقابلة كما قال (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) وكقوله تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها) وسمي الكافر ظالما لأنه يضع العبادة في غير موضعها 194 (الشهر الحرام بالشهر الحرام) نزلت هذه الآية في عمرة القضاء وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا في ذي القعدة فصده المشركون عن البيت بالحديبية فصالح أهل مكة على أن ينصرف عامه ذلك ويرجع العام المقبل فيقضين عمرته فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه ذلك ورجع في العام القابل في ذي القعدة وقضى عمرته سنة سبع من الهجرة فذلك معنى قوله تعالى (الشهر الحرام) يعني ذي القعدة الذي دخلتم فيه مكة وقضيتم فيه عمرتكم سنة سبع بالشهر الحرام يعني ذا القعدة الذي صددتم فيه عن البيت سنة ست (والحرمات قصاص) جمع حرمة وإنما جمعها لأنه أراد حرمة الشهر الحرام والبلد الحرام وحرمة الإحرام والقصاص المساواة والمماثلة وهو أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل وقيل هذا في أمر القتال معناه إن بدءوكم بالقتال في الشهر الحرام فقاتلوهم فيه فإنه قصاص بما فعلوا فيه (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) وقاتلوه (بمثل ما اعتدى عليكم) سمي الجزاء باسم الابتداء على ازدواج الكلام كقوله تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها) (واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين)
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»