لهي الحيوان) قال الشاعر:
* يا بكر بكرين ويا خلب الكبد * فبكر في قوله تعالى: (لا فارض ولا بكر) هي التي لم تلد، وسميت التي لم تفتض بكرا اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء وجمع البكر أبكار قال تعالى: (إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا) والبكرة المحالة الصغيرة لتصور السرعة فيها.
بكم: قال عز وجل: (صم بكم) جمع أبكم وهو الذي يولد أخرس فكل أبكم أخرس وليس كل أخرس أبكم، قال تعالى:
(وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ) ويقال بكم عن الكلام إذا ضعف عنه لضعف عقله، فصار كالأبكم.
بكى: بكى يبكي بكا وبكاء فالبكاء بالمد سيلان الدمع عن حزن وعويل، يقال إذا كان الصوت أغلب كالرغاء والثغاء وسائر هذه الأبنية الموضوعة للصوت، وبالقصر يقال إذا كان الحزن أغلب وجمع الباكي باكون وبكى، قال الله تعالى: (خروا سجدا وبكيا) وأصل بكى فعول كقولهم ساجد وسجود وراكع وركوع وقاعد وقعود لكن قلب الواو ياء فأدغم نحو جاث وجثى وعات وعتي. وبكى يقال في الحزن وإسالة الدمع معا ويقال في كل واحد منهما منفردا عن الآخر وقوله عز وجل (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) إشارة إلى الفرح والترح وإن لم تكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء إسالة دمع.
وكذلك قوله تعالى: (فما بكت عليهم السماء والأرض) وقد قيل قيل إن ذلك على الحقيقة وذلك قول من يجعل لهما حياة وعلما وقيل ذلك على المجاز، وتقديره فما بكت عليهم أهل السماء.
بل: للتدارك وهو ضربان: ضرب يناقض ما بعده ما قبله لكن ربما يقصد به لتصحيح الحكم الذي بعده إبطال ما قبله وربما قصد لتصحيح الذي قبله وإبطال الثاني. فمما قصد به تصحيح الثاني وإبطال الأول قوله تعالى: (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين - كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) أي ليس الامر كما قالوا بل جهلوا فنبه بقوله ران على قلوبهم على جهلهم وعلى هذا قوله في قصة إبراهيم (قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) ومما قصد به تصحيح الأول وإبطال الثاني قوله تعالى: (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن.
وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى أهانن. كلا بل لا تكرمون اليتيم) أي ليس إعطاؤهم المال من الاكرام ولا منعهم من الإهانة لكن جهلوا ذلك لوضعهم المال في غير