وقيل منه اشتق السحر وهو إصابة السحر والسحر يقال على معان: الأول الخداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الابصار عما يفعله لخفة يد، وما يفعله النمام بقول مزخرف عائق للاسماع وعلى ذلك قوله تعالى: (سحروا أعين الناس واسترهبوهم)، وقال: (يخيل إليه من سحرهم)، وبهذا النظر سموا موسى عليه السلام ساحرا فقالوا (يا أيها الساحر) ادع لنا ربك)، والثاني استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه كقوله تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم) وعلى ذلك قوله تعالى: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) والثالث ما يذهب إليه الأغتام وهو اسم لفعل يزعمون أنه من قوته يغير الصور والطبائع فيجعل الانسان حمارا ولا حقيقة لذلك عند المحصلين. وقد تصور من السحر تارة حسنه فقيل: إن من البيان لسحرا وتارة دقة فعله حتى قالت الأطباء الطبيعية ساحرة وسموا الغذاء سحرا من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره، قال تعالى: (بل نحن قوم مسحورون) أي مصروفون عن معرفتنا بالسحر. وعلى ذلك قوله تعالى: (إنما أنت من المسحرين) قيل ممن جعل له سحر تنبيها أنه محتاج إلى الغذاء كقوله تعالى (ما لهذا الرسول يأكل الطعام) ونبه أنه بشر كما قال:
(ما أنت إلا بشر مثلنا) وقيل معناه ممن جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتي به ويدعيه، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) وقال تعالى:
(قال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا) وعلى المعنى الثاني دل قوله تعالى: (إن هذا إلا سحر مبين) قال تعالى (وجاءوا بسحر عظيم) وقال (أسحر هذا ولا يفلح الساحرون) وقال (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم - فألقى السحرة) والسحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار وجعل اسما لذلك الوقت ويقال لقيته بأعلى السحرين والمسحر الخارج سحرا، والسحور اسم للطعام المأكول سحرا والتسحر أكله.
سحق: السحق تفتيت الشئ ويستعمل في الدواء إذا فتت يقال سحقته فانسحق، وفى الثوب إذا أخلق يقال أسحق والسحق الثوب البالي ومنه قيل أسحق الضرع أي صار سحقا لذهاب لبنه ويصح أن يجعل إسحق منه فيكون حينئذ منصرفا، وقيل: أبعده الله وأسحقه أي جعله سحيقا وقيل سحقه أي جعله باليا، قال تعالى (فسحقا لأصحاب السعير) وقال تعالى: (أو تهوى به الريح في مكان سحيق) ودم منسحق وسحوق مستعار كقولهم مزرور.