مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٢٢٤
فهذا سجود تسخير وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم، وقوله (ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) ينطوي على النوعين من السجود والتسخير والاختيار، وقوله (والنجم والشجر يسجدان) فذلك على سبيل التسخير وقوله (اسجدوا لآدم) قيل أمروا بأن يتخذوه قبلة، وقيل أمروا بالتذلل له والقيام بمصالحه، ومصالح أولاده فائتمروا إلا إبليس، وقوله: (ادخلوا الباب سجدا) أي متذللين منقادين، وخص السجود في الشريعة بالركن المعروف من الصلاة وما يجرى مجرى ذلك من سجود القرآن وسجود الشكر، وقد يعبر به عن الصلاة بقوله: (وأدبار السجود) أي أدبار الصلاة ويسمون صلاة الضحى سبحة الضحى وسجود الضحى (وسبح بحمد ربك) قيل أريد به الصلاة والمسجد موضع الصلاة اعتبارا بالسجود وقوله (وأن المساجد لله) قيل عنى به الأرض إذ قد جعلت الأرض كلها مسجدا وطهورا كما روى في الخبر، وقيل المساجد مواضع السجود الجبهة والأنف واليدان والركبتان والرجلان وقوله (ألا يسجدوا لله) أي يا قوم اسجدوا وقوله (وخروا له سجدا) أي متذللين وقيل كان السجود على سبيل الخدمة في ذلك الوقت سائغا وقول الشاعر:
* وافى بها كدراهم الأسجاد * عنى بها دراهم عليها صورة ملك سجدوا له سجر: السجر تهييج النار، يقال:
سجرت التنور، ومنه (والبحر المسجور) قال الشاعر:
إذا ساء طالع مسجورة * ترى حولها النبع والسمسما وقوله (وإذا البحار سجرت) أي أضرمت نارا عن الحسن، وقيل غيضت مياهها وإنما يكون كذلك لتسجير النار فيه، (ثم في النار يسجرون) نحو (وقودها الناس والحجارة) وسجرت الناقة استعارة لالتهابها في العدو نحو اشتعلت الناقة، والسجير الخليل الذي يسجر في مودة خليله كقولهم فلان محرق في مودة فلان، قال الشاعر:
* سجراء نفسي غير جمع إشابة * سجل: السجل الدلو العظيمة، وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب، وأسجلته أعطيته سجلا، واستعير للعطية الكثيرة والمساجلة المساقاة بالسجل وجعلت عبارة عن المباراة والمناضلة، قال:
* من يساجلني يساجل ماجدا * والسجيل حجر وطين مختلط وأصله فيما قيل فارسي معرب، والسجل قيل حجر
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست