تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٧٢
* (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين (22) قالا) * * الشاعر:
(ويوسف إذ دلاه أولاد علة * فأصبح في قعر البريكة ثاويا) وأما الغرور: فهو إظهار النصح مع إبطان الغش.
قوله - تعالى -: * (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما) في هذا دليل على أنهما لم يمتعا في الأكل، قال ابن عباس: قيل: إن إزدادا؛ أخذتهما العقوبة، وكانت عقوبتهما أن تهافت عنهما لباسهما، وبدت عورتهما.
* (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) قال ثعلب: جعلا يلصقان بعض الورق بالبعض، ويستران العورة به، ويقال: خصف النعل؛ إذا جعل طبقا على طبق، واختلفوا في ذلك الورق، قال ابن عباس - وبه قال أكثر المفسرين -: إنه ورق التين والزيتون، وقيل: كان ورق الموز.
* (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة) يعني: عن الأكل منها * (وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) أي: بين العداوة، ويحكى عن أبي بن كعب، ويذكر عن عطاء أيضا، أنهما قالا: لما بدت سوتهما في الجنة، هرب آدم في الجنة؛ فتعلقت شجرة بشعره، وناداه الرب: أفرارا مني يا آدم؟ فقال: لا بل حياء منك يا رب.
قوله - تعالى -: * (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) اعترف آدم بالذنب، وسأل المغفرة، وهذا هو الفرق بين معصيتة ومعصية إبليس، أن إبليس عصى وأصر على المعصية، وآدم عصى وتاب عن المعصية، وأن إبليس كان متعمدا، وآدم كان ساهيا، واختلفوا في أن آدم هل عرف عند الأكل أنه معصية؟ قال بعضهم: عرف ذلك، لكن الله غفر له، وتاب عليه، وقيل: دخل عليه شبهة من وسوسة إبليس، ولم يكن متعمدا؛ إذ كان معصوما نبيا.
قوله - تعالى -: * (قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو) فإن قال قائل: ألم يكن
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»