تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٦٩
(* (14) قال إنك من المنظرين (15) قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم (16) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد) * * (قال أنظرني) أي: أمهلني * (إلى يوم يبعثون) سأل المهلة إلى القيامة، * (قال إنك من المنظرين) فأنظره الله - تعالى - وهذا الإنظار إلى النفخة الأولى، كما قال في موضع آخر مقيدا: * (إلى يوم الوقت المعلوم) وأراد به: النفخة الأولى، فإن قيل: وهل يجوز أن يجيب الله دعوة الكافر؛ حيث أجاب دعوة اللعين؟ قيل: يجوز على طريق الاستدراج والمكر والإملاء لا على سبيل الكرامة.
* (قال فبما أغويتني) قال ابن عباس: بما أضللتني، وقيل: بما خيبتني، فالإغواء بمعنى: الخيبة، قال الشاعر:
(فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما) أي: ومن يخب لا يعدم على الخيبة لائما، وقيل: معناه: بما دعوتني إلى ما ضللت به * (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) أي: على صراطك المستقيم، وهو صراط الدين.
قوله تعالى: * (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم) روى سفيان الثوري عن منصور عن الحكم بن عتيبة أنه قال: * (لآتينهم من بين أيديهم) يعني: من قبل الدنيا بأن أزينها في قلوبهم، فيغتروا بها * (ومن خلفهم) أي: من قبل الآخرة، بأن أقول: لا بعث، ولا جنة، ولا نار * (وعن أيمانهم) من قبل الحسنات * (وعن شمائلهم) من قبل السيئات، وقال ابن عباس - في رواية الوالبي عنه -: لآتينهم من بين أيديهم يعني: من قبل الآخرة، ومن خلفهم (أي) من قبل الدنيا، وعن أيمانهم: أشبه عليهم أمر الدنيا، وعن شمائلهم: أشهى لهم ارتكاب المعاصي، قال مجاهد: أراد به لآتينهم من كل الجوانب، قال قتادة: لم يقل الخبيث: من فوقهم؛ لأن الرحمة تنزل عليهم من فوقهم.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»