تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٧١
* (ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20) وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين (21) فدلاهما بغرور) * * يوسوس لهذا، لكن عاقبة أمرهم في وسوسته أنه أبدى لهما ما ستر من عورتيهما.
* (وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) وهذه كانت وسوسته؛ وقرأ يحيى بن أبي كثير والضحاك: ' إلا أن تكونا ملكين ' بكسر اللام، والمعروف: ' ملكين ' بفتح اللام، قال أبو عمرو بن العلاء: لم يكن في الجنة ملك لغير الله حتى يقول: ملكين من الملك، وكان فيها الملائكة، ومعناه: ما نهاكما الله عن أكل هذه الشجرة إلا أنكما إذا اكلتما صرتما ملكين أو تكونا من الخالدين.
* (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) وسوس لهما، وحلف عليه، وهو أول من حلف بالله كاذبا، فكل من حلف بالله كاذبا؛ فهو من أتباع إبليس، وفي الحديث:
' إن المؤمن يخدع بالله ' فلما حلف إبليس على ما وسوسه به؛ ظن آدم أنه لا يحلف أحد بالله إلا صادقا؛ من سلامة قلبه، فاغتر به.
وفيه قول آخر: أن قوله: * (وقاسمهما) من القسمة، كأن إبليس قال لهما: كلا من هذه الشجرة، فما كان من خير فلكما، وما كان من شر وسوء فعلي.
وقوله: * (إني لكما لمن الناصحين) يعني: المرشدين، المريدين للخير.
فإن قال قائل: قوله: * (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) دليل على أن الملائكة أفضل من الآدميين، قيل: معناه - والله أعلم -: أنهما رأيا الملائكة في أحسن صورة، وأرفع منزلة، وفي تسبيح دائم من غير تعب ولا شهوة؛ فتمنيا أن يصلا إلى تلك المنزلة لو أكلا من تلك الشجرة، ويتخلصا من التعب، ومن شهوة البشرية، وليس في هذا دليل على أن الملك أفضل من الآدمي.
وقوله: * (فدلاهما بغرور) أي: حطهما من منزلة الطاعة إلى حالة المعصية، قال
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»