* (اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين (11) قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (12) قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فأخرج إنك من الصاغرين (13) قال أنظرني إلى يوم يبعثون) * * وقيل ' ثم ' بمعنى ' الواو ' أي: وقلنا للملائكة: اسجدوا، والواو لا توجب الترتيب، وهو قول الأخفش، وأحد قولي قطرب، ولم يرضوا منهم ذلك، فإن كلمة ' ثم ' لا ترد بمعنى الواو، وهي للتعقيب.
* (فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين) وقد ذكرنا سجود الملائكة في سورة البقرة، وأن سجودهم كان لآدم.
قوله - تعالى -: * (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) ' لا ' زائدة، والمراد: ما منعك أن تسجد؟ وقد سبق نظائره.
* (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) فإن قيل: لم يكن هذا منه جوابا عما سئل عنه؟ قيل: تقديره قال: لم أسجد لأني خير منه، وقيل: السؤال مقدر فيه، كأنه قيل له: أنت خير أم هو؟ فقال: أنا خير منه.
قال محمد بن جرير الطبري: ظن الخبيث، ورأى أن النار خير من الطين، ولم يعلم أن الفضل لما جعل الله له الفضل، وقد فضل الله الطين على النار، ولأن في طبع النار طيشا، وخفة، وإحراقا، وفي الطين رزانة، وحلم، وتواضع، وأمانة، فيجوز أن يكون خيرا من النار، وقد قال ابن عباس: أول من قاس: إبليس، كما بينا.
وقوله - تعالى -: * (قال فاهبط منها) أي: فأخرج منها، واختلفوا في هذه الكناية، قيل: أراد به: فاهبط من الجنة، وقيل: أراد به: من الدرجة التي جعله الله عليها من قبل، وقيل: أراد به: من الأرض؛ فإن الله - تعالى - لما طرده؛ أخرجه من الأرض إلى جزائر البحر، وكان من قبل له ملك الأرض، حتى قيل: إنه لا يدخل الأرض إلا خائفا، سارقا، على هيئة شيخ عليه أطمار * (فما يكون لك أن تتكبر فيها) يعني: بترك السجود * (فأخرج إنك من الصاغرين) أي: الأذلة.